تونسيون يطالبون برخص للصيد البري

تونسيون يطالبون برخص للصيد البري

28 اغسطس 2017
لماذا حصل هو على رخصته؟ (Getty)
+ الخط -

تتشدّد السلطات التونسية في منح رخص صيد بري لطالبيها وتربط الأمر باحتمالات استخدام الأسلحة في غير مجالها، في حين يصرّ المتضررون في المقابل على مطالبتهم بالرخص ويرون في الأمر إجحافاً في حقّهم.

خلال الأعوام الأخيرة، نفّذ هواة للصيد البري احتجاجات عدّة مطالبين بمنحهم رخص امتلاك بنادق صيد بعد سنوات من الانتظار، في حين كانت الجهات الرسمية تعبّر عن مخاوفها من أن يُصار إلى توظيف تلك البنادق لأغراض إرهابية أو إجرامية.

وكانت القوات الأمنية قد تمكّنت في أكثر من مناسبة من ضبط بنادق صيد إمّا خلال تهريبها عبر الحدود الليبية أو الجزائرية، وإمّا في مداهمات لها استهدفت بعض الورش حيث كانت تُعدَّل تلك البنادق. إلى ذلك، كانت قد سُجّلت أحداث دامية في بعض الجهات التونسية بين عائلتَين أو عرشَين استعملت فيها بنادق الصيد وفق بلاغات الداخلية.

وقطاع الصيد عرف تهميشاً كبيراً، عندما قام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالحدّ من منح رخص الصيد بدعوى الوقاية من العمليات الإرهابية كذلك. وهو كان قد أصدر في عام 1986 عندما كان يتولى وزارة الداخلية، قراراً يقضي بتعليق منح الرخص للصيادين، الأمر الذي أدّى إلى ظهور سوق موازٍ لبيع بنادق الصيد غير المرخّص لها، معظمها مهرّب عبر الحدود الليبية. بعد الثورة، أثيرت من جديد مسألة منح الرخص، ليطالب عشرات الهواة بتراخيص صيد تمكّنهم من شراء بنادق صيد بطرق قانونية لممارسة هوايتهم وفق الأطر المنظمة للقطاع.

تتشدد وزارة الداخلية في منح تلك الرخص، الأمر الذي يثير امتعاض كثيرين يرغبون في امتلاك رخص صيد. يخبر حاتم المدب وهو من هواة الصيد، أنّه تقدّم بطلب للحصول على رخصة صيد في عام 2012 غير أنّه لم يتلقَّ حتى اليوم أيّ ردّ، إيجابياً كان أو سلبياً. يضيف أنّ "مئات الأشخاص مثلي وضعوا ملفاتهم في وزارة الداخلية منذ سنوات، ولم تمنحهم الوزارة الموافقة. وهذا ما أدّى إلى انتشار بنادق الصيد من دون رخص، إذ كلّما زاد التضييق انتعش السوق الموازي وكثرت نسبة المخاطر".

تحرّك يدعو إلى منح الرخص لمستحقيها (العربي الجديد)


امتعاض مئات الشباب إزاء رفض الوزارة منحهم رخص بنادق صيد، دفع ببعض النواب إلى مساءلة وزير الداخلية في جلسة عامة في فبراير/ شباط الماضي. فردّ وزير الداخلية الهادي مجدوب أنّ ثمّة 45 ألف رخصة حمل بندقية صيد في البلاد، إلا أنّها لا تترجم العدد الحقيقي لبنادق الصيد، نظراً إلى وجود سوق سوداء واسعة تمتد من ليبيا إلى الجزائر مروراً بتونس. كذلك تحدّث الوزير عن 50 ألف طلب للحصول على بندقية صيد مودعة بأدراج إدارة التراتيب في الوزارة، مشيراً إلى الطلب المتزايد ومؤكداً على أنّ للإدارة سلطة تقدير واسعة حول إسناد رخص حمل السلاح، وأنّ دراسة الملفات تجري كلّ حالة بحالتها نظراً إلى الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد.

عبد الحميد هو من الراغبين كذلك في الحصول على رخصة صيد، يقول إنّ "عشرات الرخص منحت لأشخاص تقدموا بطلبات قبل أشهر فقط، في حين أنّ مئات الأشخاص كانوا قد أودعوا ملفاتهم منذ أكثر من عشر سنوات وجددوا مطالبهم في كلّ عام، من دون الحصول على أيّ ردّ". ويعبّر عن استغرابه المقاييس التي تعتمدها الوزارة في منح الرخص، في حين أنّ الشروط المطلوبة متوفّرة لدى نسبة كبيرة من الذين تقدّموا بطلباتهم قبل سنوات.

ويتابع عبد الحميد أنّ "الأمر لا يمكن تفسيره إلا بوجود شبهات محاباة أو رشوة لمنح تلك الرخص لأشخاص دون سواهم"، لافتاً إلى أنّ "أشخاصاً ينتمون إلى المؤسسة الأمنية أو حتى العسكرية طالبوا برخص صيد لكنّهم لم يحصلوا عليها". ويشدّد على أنّ "منح رخص الصيد بطريقة قانونية من شأنه أن يقلل من الصيد العشوائي، الأمر الذي يساهم في الحفاظ على الثروة الحيوانية".

تحرّك سابق دعماً لهواة الصيد (العربي الجديد)


من جهته، يشير محمد أيمن وهو من المطالبين برخصة صيد منذ أكثر من أربعة أعوام، إلى أنّ "الوزارة حالياً تعمل على تسوية الأوضاع، أي تمكين بعض الذين ورثوا بندقية صيد عن الوالد أو الجدّ من الحصول على رخصة مسك سلاح صيد، على الرغم من أنّ من يحصل على تلك الرخصة بهذه الطريقة هو في أحيان كثيرة غير مهتم بالصيد بصلة. لا هو من هواته ولا هو قادر على مسك السلاح واستخدامه". ويسأل: "لماذا لا تجعل وزارة الداخلية الحصول على رخصة الصيد خاضعاً لامتحان نظري وتطبيقي أو حتى تدريب توعوي، لتنظيم القطاع أكثر ومنح تلك البنادق لمن هم أحق بها؟".

في سياق متصل، كانت وزارة الداخلية قد تلقّت طلبات شبيهة من قبل عشرات الفلاحين الذين يريدون تمكينهم من رخص مسك سلاح ليس للصيد هذه المرة، بل للتصدي لهجمات السرقة التي يتعرّضون لها لا سيّما في ممتلكاتهم ومواشيهم ومعدات الري والأسلاك الكهربائية بالإضافة إلى نهب الثروة الحرجية وغيرها. يُذكر أنّ النهب والسرقة في القطاع الفلاحي تفاقما في السنوات الأخيرة، الأمر الذي انعكس سلباً على المنتجين وكبّدهم خسائر فادحة.


دلالات