أستاذ وباحث جامعي تونسي، فاز بالجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لتشجيع البحث العلمي (فئة الشباب) من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. له عدة أبحاث وكتب.
حلّت الذكرى 42 لتأسيس حركة النهضة في ظل محنة تعيشها، مردّها اعتقال النظام الحاكم رموز منها وغلق مقرّها المركزي في العاصمة تونس ومنع النشاط في مكاتبها الجهوية. وهو ما جعلها تواجه تحدّي الاستمرارية في زمن تراجعت فيه الديمقراطية محليا وإقليميا ودوليا.
آراء
أنور الجمعاوي
16 يونيو 2023
أنور الجمعاوي
أستاذ وباحث جامعي تونسي، فاز بالجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لتشجيع البحث العلمي (فئة الشباب) من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. له عدة أبحاث وكتب.
تجتمع في راشد الغنوشي عدّة رمزيات، فهو زعيم أكبر حزب سياسي تونسي، حركة النهضة، ورئيس برلمان سابق، وأحد دعاة الاعتدال والدمقرطة. وفي اعتقاله ثم الحكم عليه بالسجن عاما محاولة لتحجيم فاعلية حركة النهضة خصوصا، وجبهة الخلاص المعارضة عموماً.
تتصاعد المطالب من داخل حركة النهضة التونسية لقياداتها من أجل القيام بمراجعات للسياسات والخيارات التي تم انتهاجها على مدى السنوات السابقة، خصوصاً بعدما ساهمت أزماتها الداخلية ونهج الإقصاء المتبع داخلها في إضعافها.
عشر سنوات مرّت على اندلاع الثورة التونسية، وهي المدة التي استطاعت فيها القوى التونسية التأكيد على نجاح الشق السياسي، رغم أن مرحلة الانتقال الديمقراطي لم تنته بعد، في حين أن الطموحات الشعبية بالتنمية وتحسين الوضع الاجتماعي ما زالت غير محققة.
بعد توتر وخلافات عميقة سادت بين الأفرقاء السياسيين والأحزاب في تونس، بدا لافتاً أخيراً إطلاق العديد من هذه الأحزاب دعوات لتهدئة سياسية، بما يطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه الدعوات تستبق جولة مرتقبة من تصفية الحسابات والخلافات المتجددة.
انقلبت المواقف السياسية في تونس في الأيام الأخيرة لصالح هشام المشيشي. وبعدما حاول الرئيس قيس سعيد استبداله أفشلت أحزاب عدة بينها حركة النهضة وقلب تونس هذا التوجه، ما أتاح للمشيشي تقديم حكومته أمام البرلمان أمس الثلاثاء ثم نيل الثقة.
تتزايد مخاوف أحزاب تونسية عدة من نوايا الرئيس قيس سعيّد ومساعيه لتغييب دورها، وهي ترى أن الأخير يريد إحداث تغيير جذري في التوازنات السياسية في البلاد، وكذلك إحداث تغيير غير معلن في النظام، من برلماني إلى رئاسي مقنّع.
يغامر رئيس الحكومة المكلف في تونس هشام المشيشي في طرح تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وسط رفض الأحزاب، ما يجعله مهدداً بالخروج سريعاً من المشهد السياسي، وفشل مسعى الرئيس التونسي قيس سعيّد على ما يبدو لتدعيم النظام الرئاسي.
انقضى أسبوعان من مهلة الشهر الممنوحة لرئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي لتشكيل حكومته، في حين أنه إلى الآن لم تتضح أي تفاصيل بشأن هذه الحكومة وما زالت الحوارات شكلية حولها، وهو ما بدأ يثير قلق أطراف سياسية.
مع انتهاء معركة محاولة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، تواجه البلاد المزيد من التحديات المقبلة، لعل أبرزها تشكيل الحكومة الجديدة، وانعكاسات التجديد للغنوشي وما يعنيه ذلك من حسابات سياسية وتحالفات جديدة قد تولد.