صورٌ مع الأواني المقدّسة

صورٌ مع الأواني المقدّسة

01 ابريل 2020
(باول-هنري كامبِل، تصوير: فولكير ديرلاث)
+ الخط -

الجرّاح

مثل ضربة فأسٍ، مثل ومضة، مثل عظم الصدر
مثل ألم بارد رطب، مثل اللاعلاج له
مثل الاستيقاظ، مثل اقتراب الليل
لا مثيل لها هكذا هي تقترب كاقتراب الليل
هكذا هي مثل أثر مبضع الجراحة
جسد في الحلمِ مجرّد مثل النوم الحائم
لا حراك به، ومن ثمّ في الاستيقاظ مراقبة
اليقظة، مثل الصحو، مثل اليقظة،
ومن ثمّ هو، هذا الذي يقطع،
مثل أمير مع حاشيته على حافة السرير
مثل صاحب السماحة من حولكَ رمادي،
رمادي هو عمله اليومي، جراحة، يغرز بك،
يشقّ في حياتك، في عظامك،
ويرى
أنّ كل شيء على ما يرام.


■ ■ ■


ليلة ما بعد العملية الجراحية

ليس هو بطائر يبني له عُشّاً
ويصرخ، من صندوق يلمعُ خلف مضجعك،
بصوتٍ صاخب متقطّع
أنه مجرّد جهاز لتخطيط القلب
يزقزق فوق جسدك، يراقبك

لا تخف، خُذ قسطاً من الراحة
رغم الرنين ورغم أصوات المضخّة من حولك
رغم الزقزقة المتواصلة
ليست هي إلّا إشارات من الجهاز المعلّق فوق رأسك
جهاز مقاس العلامات الحيويّة

ليلة بعد ليلة وعلى مدى عقود من الزمن
قاومتها، قاومت أطول ليلة في حياتك، ليلة الموت
دون أن تخاف ولو مرّة واحدة
والآن تشعر بها، تسمعها
ضربات رفرفة أجنحة الملائكة السوداء.


■ ■ ■


يوم القيامة، رَجُلٌ عنده وشم

في النوم
رسومٌ، صورٌ توضيحية وخطوط
في القبر في ليلة البَصَر
رجفات، تورّمات، تراكمات، تدفّقات
ومن ثمّ كمن وخز الإبرة لأول مرة،
يسيل الدم تحت الجلد، جرحٌ يلمع،
يسيل ورديَّ اللون في الوجنتين،
يسيل أحمرَ في الشفاه،
يسيل أزرقَ في الأوردة الصغيرة،
يسيل أخضرَ في مقل العيون،
تتفتح العيون ويتوسّع البؤبؤ
كما البدر
منذ اليوم الأول
تتجمّع كل الأضواء لمرّة واحدة
في حلقات قطارات مستقيمة
كل صورة هي صورة مطابقة للرب
لصورة من كان من قبل ومن أصبح أبدياً.


■ ■ ■


تشيرنوبيل

فِطر يُسمّم أجيال مزارعيه وجامعيه
منه تلمع شقائق النعمان على ضفاف بحيرة التبريد
هناك ينصقل المساء ندياً تحت ظلال المباني
مسمّمة
تتلألأ شقائق النعمان، جذورك تعرف
مِنْ نثر، مِنْ تطاير البذور ومِن النّضج
مِن النمو، مِنْ ذبول الزهر، مِن التويجات
تعرف مِن الزرع، مِن الهُبوب، مِن الإعصار
تعرف أنه لا يوجد قبر نظيف،
ولم يكن الحزن الأسود وحده، في أي وقت كان، سبباً لأن تسيل الدموع.


■ ■ ■


صورة الأشعة السينية

كما في المساء الماضي،
كم مرّة، كم مرة مسّدتُ أضلاعك
وظننت عطرَ البشرة، ظننت
زغباً أشقرَ من الأعلى إلى الأسفل
لماذا في حالة الترنّح،
التي تنتاب ظهرك،
بشرتك، عطرك والزغب
أفكّر بكل وضوح، لأنها تغمرني،
وتسجّل التواقيع، زرقاء بيضاء
صفّارة الإسعاف وكلانا،
طبيب القلبيّة وأنا،
ننظر إلى الأشعة،
لم تكن العلّة في العمود الفقري
هكذا كنت أظن، عندما
لاحظت في الصورة أن ظهري منحنٍ
ليس كظهركِ،
بالأحرى كان الهدف الوصول
إلى القلب وبشكل أكثر دقّة
إلى المعدّات الطبية "شريت ماخر"
التي تقبع تحت أدنى ضلع، هذه الضلع المعطوبة،
لا أشعر بشيء في هذه المنطقة
التي تذكّرني بكِ.


■ ■ ■


بين الهندباء والخزامى

(إلى ألمى راكوزه)

أجنحة خضراء بين الأثلام
من اللون الأصفر لـ ماريا تيريزيا
أو من لُبدة الأُسود
الذين يُصغون من مُغر مديدة
ناسين أن يزأروا
كما لو
تقولين: أنا
أقول: أنتِ
أمّا أنا فأنصت للخزامى،
هل تنصتين معي أيضاً
البحر يعرف أشياء كثيرة، أكثر
من عدد أمواجه
ويعرف كلّما رغبتِ في جمع أثلام الزبد
لتدُسّيها بين موجةٍ وموجة
كلمةً تلو كلمة.


■ ■ ■


الأواني المقدسة

I
أحجار الجمشت المغبّرة

إكليلٌ من أحجار مكعّبة
يزيّنك وكأس القربان المقدس
إنها قطع الجمشت المشحوذة
هناك ثلاث لمعات بنفسجية مُظلّلة
البنصر، إصبع الخاتم المرفوع
نكتة وتحويل

أنت تقف فقط وراء زجاج الصاغة
تُحدّق ببلاهة الشجعان،
تحدّق طويلاً حتى يستسلم لك الوصيّ
تجمع الكؤوس لتلمّعها، غبارٌ في كل مكان،
وخزائن العرض فارغة.


II
الذخائر المقدّسة من عصر الباروك في المتحف

هالة إكليل فضيّ
آه يا أيتها المطرقة في آوغسبورغ
وعاء أُسطواني معروض
فيه عمل فنيّ داخل عمل آخر
مفصل الركبة
قطّعه حارس السراديب في روما،
سَرَقَهُ وهَرَّبه عبر جبال الألب
ساجعاً مستسلماً
آه يا أيتها المطرقة في آوغسبورغ
هالة إكليل فضيّ.


III
هلال لوعاء القربان المقدّس في آرت ديكو

يحيط به جون ماريا
كلاهما من النحاس المطليّ بالذهب
كنتَ تجلس في الشكل البيضاوي المنتصب عمودياً
مثل شوكة فارغة
مُلقاةً
بقيت بعد الحفل

لكن الأهِلّة لا تزال تبارك
الليلة المظلمة
تباركها بشكل دوريّ.


IV
كؤوس مقدّسة

مطبوعة بشكل غريب
بينما كنتَ تريد أن تكون برج الكنيسة
رغم الفروع المنحنية

أو أن تكون نُصباً تذكارياً إقليدياً
مضلّعاً يقبع فوقه الهرم،
قَدَماً مُنبثقةً من ساقين طويلتين
مروراً باليدين
اللتين تسيّرانك إلى المذبح
عبر قرون مضت.


* Paul-Henri Campbell شاعر أميركي ألماني من مواليد بوسطن سنة 1982. درس الفلسفة في "جامعة غوته" في فرانكفورت واللاهوت في "جامعة أيرلندا الوطنية"، وله اشتغالات بحثية بالأساطير، وهي عناصر تَظهر في أعماله الشعرية التي تتميّز بحسّ أسطوري حديث. كما يحضر المعجم الطبّي في نصوصه، ويعود ذلك إلى مروره بعدّة صعوبات صحية. من إصداراته: "Duktus Operand" في 2010 و"سباق الفضاء" في 2012.

** ترجمة عن الألمانية: فؤاد آل عواد

المساهمون