عن رئة تحترق

عن رئة تحترق

14 مايو 2019
وائل درويش/ مصر
+ الخط -

1

هناك أحد سيموت
رجل بنصف رئة
يتنفسُ المستقبلَ القليلَ
يسكن في كوخ وسط غابة
بتفرج على ديوك الحبش البرية
ويسميها عثراته
يتفرّج على الغزلان ويسميها أيامه البدينة
التي تخفّفت من الوزن والوقت وصارت أسرع من أن تحوطها عين في قوس نظر
رجل برئة تتآكل وقلب عتيق يمضي بطيئاً بين الأشجار
يصغي لخشخشة الأوراق تحت قدميه... لأخطاء الريح تهب من كل الجهات
يلمّ حصاة ويقبلها ...يلمّ غصنا يابساً ويسوط غيمة أفكار كادت تسقط فوق رأسه
يسوط أنفاسه المتقطعة وهو يصعد التلة ليتفرّج على هذا الغروب
كنزه الذي وجده وأضاعه... كنزه المنثور ذهباً في السماء
غروبه الهائل


2

أراه الطبيب صورة لرئتيه
لم يقل له إنهما تشبهان جناحي فراشة
قال إن طرفاً منهما محترق
لم يقل إن الفراشة اقتربت من نيران السر أكثر مما يجب


3

أعود مرهقاً من اليأس،
في المساء
لا أقوى على تحضير حياة أخرى
أتمدّد منتظراً خطوات الخيال البطيئة
أمس تحديداً جاء بكيس مليء
بأرجل طيور وقطع قماش وبروازت فارغة
تساعدني غرابته على النهوض
عندما أحصل على عطلة سأذهب معه
إلى متحفه الصغير على طرف المقبرة
أنا أيضاً لدي ما أقدّمه
رئة على شكل بلاد تحترق


* شاعر سوري مقيم في نيويورك

المساهمون