جمال رباعي الأبعاد

جمال رباعي الأبعاد

18 ابريل 2019
(ديزي إيكاردي تحمل أحد كتبها)
+ الخط -

حالما تجاوزَت عتبة المحل، تحوّلت كل الأنظار إليها. لم يكن لجسد متفجر كذاك أن يمر مرور الكرام. كانت سترتها الوردية تلف بغمرة حنونة نصفها العلوي بقماش الشوني، كاشفة عن نتوءين بديعين من الدهون يستقران تماماً عند منطقة الخصر، أما وركاها الفاخران والمبهران، فكانا يتدفقان من سروال الجينز ذي الخصر المنخفض ككعكة المافين من كوبها الورقي، بينما ساقاها المتينتان الهبِرتان تتقدمان بخطوات أشبه برقصة حسّية.

رسم البارمان على وجهه أكثر ابتساماته إشراقاً لذلك اليوم، في حين غرزت شقراء جافة، كانت تحمل مشروب كوكتيل أكثر جفافاً منها، مرفقها في أضلع حبيبها لصرف انتباهه عن ذلك المشهد الأثيري.

"عصير فاكهة منوّع، من فضلك"، أمرت الفتاة البارمان.

"هو هدية لك من المحل"، غمغم وهو يضع الكأس على الطاولة.

منحته الحسناء ابتسامة خاطفة واحتست بسرعة مشروبها.

"هل تذكرينني؟" سألت فتاة رشيقة ذات شعر أسود بخجل، الفتاة ذات الجمال الآسر.

"طبعاً"، صاحت الأخيرة، "أنت كلارا، كنّا أصدقاء في المدرسة!.. تبدين جميلة!".

تنهدت الفتاة ذات الشعر الأسود: "ليتني كذلك فعلاً!" وأردفت بحسرة: "أنت في المقابل تبدين خلابة، ما هو يا ترى حجم التضحيات التي تقومين بها للحصول على جسم كهذا!".

"ليس لهذه الدرجة"، أجابت الفاتنة بتواضع: "أنا فقط محظوظة بما فيه الكفاية لآكل قليلاً وأحصل على كل هذه الدهون".

"يا له من حظ"، أطلقت الفتاة الرشيقة تنهيدة أخرى: "أنا آكل طيلة الوقت، ومع ذلك لا أستطيع أن أتجاوز اثنين وأربعين كيلوغراماً من الوزن! جرّبت كل شيء: النظام الغذائي القائم على الكربوهيدرات، التداوي باللازانيا، علاج النوتيلا ... لا شيء! يبدو أنه محكوم عليّ بالبقاء طيلة حياتي مهفهفة لا طعم لها ولا رائحة!".

"لا تستسلمي" هكذا واسَتها الحسناء وهي تغادر المكان "عاجلاً أم آجلاً ستحصلين أنت أيضاً على الدهون التي تحلمين بها".

تابعت الهيفاء عديمة الأهمية، بنظرات حزينة زميلتها السابقة في المدرسة، وهي تتكوّر ببهاء تاركة المشهد.

"كم تمنيت لو أني وُلدت في العقود الأولى من الألفية الثالثة"، فكرت الفتاة ذات الشعر الأسود: "في ذلك الزمن الذي كانت فيه الفتيات الممشوقات تعتبرن جميلات!".


* Desy Icardi كاتبة إيطالية من مواليد تورينو، حاصلة على ليسانس في فنون الموسيقى والعرض المسرحي. ألّفت وأخرجت عدداً من النصوص المسرحية الكوميدية. أسست مدونة Patataridens المخصّصة للترويج للكوميديا النسائية في إيطاليا. من مؤلفاتها: "كعوب وسرقات" (منشورات غوليم، 2014)، و"أين المفر؟ رواية إيروتيكوميدية من خمسين عقدة" (منشورات غوليم، 2016)، و"العطّارات" بالاشتراك مع الرسامة دارينكا مينياتا (دار إمبريماتور، 2017). روايتها الأخيرة "شمّامة الكتب" صدرت في شباط/ فبراير 2019 عن "دار فازي".

** ترجمة عن الإيطالية أمل بوشارب

دلالات

المساهمون