بركة كلمات صامتة تجلس بيننا

بركة كلمات صامتة تجلس بيننا

23 مارس 2019
(الشاعر)
+ الخط -

مطر.. نعم ونعم

انتماء إلى العالم
سريع الزوال
مثل غيوم تتحوّل إلى مطر

*

إنني منقذف في مياه عميقة
مثلما ألقاني عمّي وأنا في الخامسة
في البركة في منتجع العائلة
تحت شمس غائمة
معتقداً أن فن السباحة
كامن في جيناتنا

*

ابتلعتُ بضع جرعات من الماء
قبل أن ينتشلني أبي
فجأة من كلمة لا..

*

والآن، ذاك الخوف من الغرق
في بركة أخرى، يأتيني
كلما مددتُ يدي
لألمس أساسك الأعمق

*

أقف لدى السمّاعة قائلاً
لا.. لستُ أنا من
من يجيب على جهاز رد آلي

*

بركة كلماتٍ
صامتة
تجلس بيننا
تتحدّث مع كلمة لا..
الواقفة في المطر
متجمّدة في بحيرة تتحوّل إلى برك
وتجذبني
نحو خوف
من غرق آخر

*

هل من الممكن
أنك تمطرين كلمة نعم.. نعم؟


■ ■ ■


قرار

الريفيرا الإيطالية
القفز من على صخور نيرفي
بصمت
التردّد يحرق أعصابي
وأنا أصعد فوق الطريق الصخري
إلى منصة الغطس
أقف محدّقاً باللون الفيروزي
متحجراً مثل قرصان على اللوح الأبيض
يتردد صدى نداء؛
امشِ على اللوح
إلى المحيط الأزرق
أنت يا من يقف هناك..
ودوارٌ يقول لا..

*

قبل عشر سنوات
قفزتَ أنت
من على صخور إيتون،
عشرة أمتار إلى الأسفل،
إلى الأزرق ذاته،
ولكنني كنتُ هناك
في صحبة
أحد ما ليقفز معي.

*

عشر دقائق حجرية
انتهى القلق الأكّال
أعود متثاقلاً إلى كرسيّي البحري

*

تحت الشمسية
تصل رسالة
من مكان بعيد
نتبادل بضع كلماتٍ
إلى أن تطغى الحرارة
على الكلمات
أنهض من أجل غطسة
أتخلّى عن الكلمات الآن
من أجل غطسة.. وداعاً

*

أعرفه بسبب خوفٍ مرضي من الماء
تسحق الكلمات أعصابي
نظرة مختلسة إلى القرصان
تخفف دواري
قلتها الآن، وها أنا أمضي
متخطياً الصخرة
فوق منصة الغوص
وأطير
بلا تردد
رأساً إلى الأسفل.


■ ■ ■


ثلج

يا لأصابعي تمضي هابطة
تتزلج على منحدرات ناعمة تحت ذقنك
لتضلّ طريقها في ظلال المساء
تحت رقبتك
في زوايا صدرك الشقراء
وصولاً إلى شواطئ شعرك
حين تثلج!

*

وبعد أصياف لاحقة سيسبح
عاشقان بين ضفتي النهر
عبر صدرك
يا له من عار إن لم نكن نحن

*

أشمّ رائحة الغرفة الآن وأنا مستلقٍ
في الفراش، معك ومن دونك أيضاً،
أشمّ رائحة المحيط
حيث فتشتُ
لآتيك بقوقعة توشوش عن مستقبلنا
هل هو ممكن؟

*

أنتِ ندفُ ثلج
تتساقط وتتناثر فوق رؤوس الأشجار
تساقطي عليّ
تساقطي
إلى أن يبيضّ شعري.


■ ■ ■


عن أزهار الفاوانيا

أن أعشق أو لا أعشق
صورتك أو أنوثتك؟
زهرة الفاوانيا الرقيقة هذه
أو تلك الركبة التي ينعكس عليها الضوء؟

*

كثيرة هي الأصابع
التي تشدّ خيط يويو القلب
اجمعي بتلات زهرتك
واكتشفي مكاناً تنحني فيه
ملهمة شقراء
خارج شباك محل أزهار تشيلسي
هناك، حيث سأختار
من أجلك غداً
زهرة فاوانيا واحدة فحسب.

*

إصبع يقرع باب منزل 105
يضغط على جرس هاتف الباب
وستهبطين إلى الطابق الأول
بقميص خروج مجعّد
وصندل
وابتسامة شابة
الجواد الصغير الملجم
جاهز لمباراة البولو

لأن "آليك" اتخذ صديقة


■ ■ ■


غرباء في قطار

منزلقة على طرف عينها
دمعة تسقط
حين ترمش
تلتقطها
غمازة على جانب خدها
وعندها
تقبّل شفتيها المضمومتين

*

أمضينا إجازة طويلة معاً
بجوار البحر
في فراش
ثم في مشرب

*

مؤسف أن كل هذا حدث
في حديث لم يكن معها
بين شارعي فيكتوريا وسان جيمس
في مكان انتظار أمام مقعدها
في حافلة
على الحدود بين حارتين

*

شكرتها وهي تغادر
على عمر
قضيته معها.


* Abol Froushan شاعر وناقد ومترجم إيراني يكتب بالإنكليزية والفارسية. مقيم في لندن منذ عام 1975. يكتب شعره في ضوء الفلسفة الظاهراتية، أي اعتماداً على ما تدركه الحواس أو التجربة مباشرة. شكّل في 2006، بالتعاون مع الشاعر الإيراني علي عبد الرضائي وشعراء ونقّاد آخرين "جماعة مدرسة لندن" متعدّدة اللغات، وتهدف إلى إبداع شعر ونصوص وأعمال بصرية بلغات مهجّنة، وابتكار أنواع أدبية وأساليب تخلخل المعايير السائدة، وتقترح اتجاهات جديدة لأدب المنفى وما بعد المنفى.

من مجموعاته الشعرية المنشورة واحدة بعنوان "لغة ضد لغة" (2008) بالإنكليزية، وأخرى ثنائية اللغة بعنوان "أحتاج إلى صحرائك من أجل عطستي" (2009). ومن إصدارته أيضاً مختارات شعرية تحت عنوان "حنجرة فضية للقمر"(2005).

** ترجمة محمد الأسعد

المساهمون