لا تُطعم الحمام

لا تُطعم الحمام

22 فبراير 2019
تفصيل من عمل لـ سعد بن شفاج/ المغرب
+ الخط -

الرجل الثري
الذي لا يعرف حجم ثروته
يمشي على عكّازه بوجه شاحب
عائداً من الصيدلية
والناس حوله يتهامسون
هرم الأخطبوط
في حانة الميناء
لوحةٌ رُسمت على عجل لسكّير قديم
رأى الشجرة أخطبوطاً مقلوباً

وفي صالات العرض ذات الأرضيات البرّاقة
صفّق الجمهور بحرارة
للرسّام ما بعد الحداثي
الذي رأى الأخطبوط
شجرة فارعة.


■ ■ ■


الفجر للصمت
لترك ألوان الوجود تتغيّر
وهي تتغلغل في كيمياء الأجساد.
لا تفسدوه
بأحاديث عن العلاقات العامّة
تطلع من حبال صوتية
جافّة
يابسة.


■ ■ ■


حماماتٌ صغيرة
تنقذ الفتات المتساقط
من أفواه مارّة مسرعين
يلتهمون وجبات الصباح
في طريقهم إلى المكاتب.

الفجر مظلمٌ في وول ستريت
والضوء ما يتوهّج من مصابيح خافتة
معلّقة على جدران الأزقة الضيّقة.
وسيّدة الحرية شبحٌ نحاسيّ في الضباب
يحلّ المطر ألوانه في زبد المراكب.
هناك وقف بائعٌ أسودٌ
ينادي العابرين
"اشتروا مظلات تحميكم
إنها مصنوعةٌ هنا
بعشرين دولاراً فقط
ليست مصنوعةً في الصين"
وعلى مقربة منه
لافتة كُتب عليها
"لطفاً، لا تُطعم الحمام"


■ ■ ■


أموتُ في الشتاء
لأن لي روح شجرة
تتظاهر بالحياة
في مكان بعيد
على القبر
تضع أعشاباً مقطوفة بيدين صغيرتين
طفلة ترتدي فستاناً
عليه صور حبّات الفراولة
ثم تمسح حذاءها الجديد
من طين اليوم الماطر
وتسأل أمّها
ما الموت؟
يحيي المشيّعون بعضهم بعضاً
ثم يفترقون صامتين
بين أشجار المقبرة العارية
حيث يختلط الأمر في الشتاء الرمادي
أيها ما زال حياً؟


* شاعر سوري مقيم في نيويورك

المساهمون