السمكة الراقدة على الطاولة

السمكة الراقدة على الطاولة

03 يوليو 2018
دانييل تارديف/ المكسيك
+ الخط -

ناظِراً إلى السَّمكة الراقِدة على الطاولة
أشعُرُ بالحُزن.
بِرَهافةٍ أمَرِّرُ أصابِعي على ظهرِها، فأُحِسُّ انسيابَها المائي المُتَلألِئ،
تحوَّلَ إلى فِضة مُدَبَّبةٍ.
هي ليستْ مَيِّتة تماماً، فالماءُ الذي يُعْوِزُ قلبَها وزعانفَها،
ما يَزالُ دافِقاً في عَينيها.
أحِسُّ أنها تَرغَبُ بِالجُلوس مِثلَنا،
عندما يَهْدِمُنا التَّعَبُ
وَلَوْ كانتْ تَملِكُ يَدَيْن،
لَأشارَتْ عَلَيَّ أنْ أُسْندَ ظهرَها بِوَسائِدَ زرقاءَ،
وأنْ أتوقَّفَ عَنْ رَصْفِ هذه الكلماتِ
فهي تُريدُ أن تقولَ كلمة تختزلُ تَغْريبَتها،
في هذا البَيْتِ الرِّيفي.
لَعلَّها اشتاقتْ إلى البَحْر
لِأنَّ الصخبَ الذي يَأتيها مِنَ التلفزيون،
وإن كان بالأبيض والأسود
ينُشرُ فوقَ قلبِها شرْشُفاً مِنَ المِياه اللاَّمِعة.
هي لا تَسْتطيعُ أنْ تنام،
وَتُغْمِض عَينَيها
لِأنَّ البَحْرَ مُستَيْقِظاً دائماً بِقَلْبِها يَبْقى،
في المَدِّ والجَزْرِ
عِندَ الشُّروق ومَعَ الغُروب،
عِندما يَسْتسلِمُ الصيادُ لِلرُّقاد مُلْتحِماً بأعشابِ امرَأتِهِ
وتُبقي رائحةُ البَحْر على بابِه القديم مُشْرَعاً،
بينما عيونُ قطتِه السَّمينة مثل آلِهة صغيرةٍ لا تُطرِقُ
إلا نصفَ إطراقةٍ، في رَدْهةِ الصمت.


* شاعر من المغرب

المساهمون