ما لا تقوله أي كلمة

ما لا تقوله أي كلمة

20 يونيو 2018
(الشاعرة)
+ الخط -

ذئاب

"ذئبٌ لا يبدو كذئبٍ يدخل منزلاً،
تك تك...
يلتهم الجدّة،
أو يلقيها خارج المنزل
خارج منزلها،
الجدة المسكينة".
- كنتم تردّدون على مسامعي:
لا تخافي
إنها مجرّد قصة.
لا شيء من هذا يحدث
مجرد قصةٍ لا أكثر..
ولكنني لم أصدقكم أبداً.

والآن أسمع الأخبار فتؤكّد أنني على صواب.

■ ■ ■


يقين

أن تعرف تأويل ما يقوله
مسبحٌ مهجورٌ في فصل الشتاء
أو ما تقوله عجلة فيريس متوقّفة ذات يوم إثنين
بدون حلوى الخطمي ولا أضواء النيون،
أو ما تقوله خيمة ذاك السيرك الذي أزيل
- كفى من الألعاب البهلوانية والحيل والسحر.

أن تتفهّم وتقبل أنها أيضاً:
أيامٌ مضجرةٌ خاليةٌ من البهجة،
مشهدٌ غيرُ مألوف ينذر،
يفرض حضوره بشكل دوري.

أن تعرفه هو في الوقت ذاته، أن تكون متيقناً بأن جسدك لن يكون -لا يمكن أن يكون- في كل الليالي الحفلة التي هو عليها في هذه اللحظة!

■ ■ ■


إصرار

ما الذي يجذب البعوضَ إلى المصباح،
إذا كان ينفجر عند اقترابه ويلتهمه الظل؟
ما القلق الذي يحرّك النحل ويدفعه ليلسع
إذا كانت تلك اللسعة تسبّب موته في ما بعد؟

ولأننا لا نستطيع الإجابة، نصرّ.
لأننا لا نريد أن نفكّر في الأمر، نتجرّأ
ونحلّق تحت أغطية الليل، هكذا.

■ ■ ■


شاعريّة

أن تأكل كمن لا يأكل الاسم:
ليس حبّة الفراولة الوقحة تقريباً
فوق بياض السيراميك،
وإنما الظلّ الصامت للشتاء
الذي يستقبل في الصمت دويّ الانفجار
لا يبقى هناك في انتظار الثمرة.
أن تأكل ما لا تقوله أي كلمة
وهكذا، بالفم الملآن، أن تكتب.

■ ■ ■


مسارات

كنت تقولين لي إن المرء دائماً ما يعشق بشكل مشابه ولكن بطريقة مختلفة.
والآن بيني وبين القهوة نحاول أن نحزر
هل جنى علينا ما كان متشابهاً أم أن الاختلاف كان هو الجاني.
ومثل علامة على الطريق، تقودني المرارة إليكِ
وأنتِ في المطبخِ تذيبين بالملعقة السكر الذي لن يوقظني من جديد.

لا يُستنتج من إيماءتكِ أيّ جواب،
وإنما فقط إشارة عن الخسارة.
انظري:
ليس لي جناحان لتصبح عظام كتفيّ من جديد كما كانت
إذا أنت لم تنظري إليها.
وأنت التي لا تملكين الحماس للتحليق.

من فرط ما نحن قريبان جداً من الأرض،
لن نسقط من جديد.
أن تحبّ يعني أن تسقط.

■ ■ ■


سارت كل الأمور على ما يرام

تعيد الطريق المؤدّي إلى منزل والديها.
يستغرق عشرين دقيقة فقط في الحافلة وربع قرن أو أكثر
في المصعد
حيث تقرأ ولمرّاتٍ عديدة: لا تدَعوا الأطفال
يسافرون بمفردهم
بدون "لا"
ستفكّر حينها في السنوات التي غيّرتها
حتى أصبحت مستقبلةً للنصيحة.
عندها ستضيف إلى القائمة نصائح أخرى،
مثل تلك التي تمنّت أن تجدها منذ زمن.
"إذا سارت كل الأمور على ما يرام"، فكّرت،
"فتيان اليوم هم من سيحذفون النفي".
الفتيات، مثل طفلة الطابق السابع، والتي تذكّرها بطفولتها،
سيجعلن غيابهنّ حاضراً بوضع علامة دائمة بمفتاح
فوق حروف "الألف".
سيفتحنَ أبواباً. إذا سارت كلّ الأمور على ما يرام، سيسافرن بمفردهنّ.


* Mireia Calafell شاعرة كتالانية إسبانية ولدت عام 1980 في مدينة برشلونة، حيث تعمل وتقيم اليوم. تكتب ميرييا كالافي باللغتين الكتالانية والإسبانية. نشرت عدة مجموعات شعرية من بينها: "شاعرية الجسد" (2006)، و"غُرَز" (2010).
** ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي

المساهمون