مربّع الصرخة

مربّع الصرخة

20 مايو 2018
مروان قصاب باشي/ سورية
+ الخط -

تصرخ زوجتي بوجهها المثلث في وجهي المضلّع
أصرخ في وجه طفلي ذي الأعوام العشرة
يصرخ الولد بوجهه المستطيل في الوجه المدوّر لأخته الصغيرة
تصرخ البنت ذات الخمسة أعوام في وجه أمِّها وفي وجه أخيها
وفي وجهي كذلك.

تحوم الصرخة في مربّع زئبقيّ
الشبكة المتهاوية الأركان تُخرِّب زواياها
الصندوق البلاستيكي يتشكل وهو يتمزق ويتهشّم
اللحن الذي يسطع
يشبه سكاكين تشتبك دون مروءة.

نحن الأربعة نتقافز كظلال لاهثة
كفزّاعات حقل تركض وراء الطيور
حتى أن مِزَق صراخنا تلتمع شمساً فضية على سمكة جيذر
يحملها صيّاد صغير على شاطيء (السيب)،
حتى أن ليل مسقط تكوّر على نفسه
مغمضاً إحدى عينيه؛ خشية أن تصيبه شظية من صراخنا،
حتى أن طبيباً نفسانياً في مستشفى (المسرات)
انزلق على قشرة موز، منكشفاً، أمام مرضاه،
حتى أن سجيناً ما في سجن (سمائل) المركزيّ
حام حول وسادته القذرة دبّورٌ من لهب
يُصدِر أزيزاً يشبه صوتاً مكتوماً لمجنزرة،
حتّى أنّ فناجين القهوة التركية (بفعل زلزلة صغرى)
ارتعشت على طاولات مقهى Home Land،
حتّى أن رئيس مجمع الأديان العام
أغلق، في حنقٍ ليليٍّ، شبابيك الفيلا خاصته
ذات الأضواء الخافتة،
حتّى أن رئيس القطاع السمعيّ بالإذاعة العامة
(كما لو أنه يعيد تمثيل لوحة إدوارد مونش)
صرخ هو الآخر من هول الصرخة،
حتّى أن الملك الأعظم، بقضه وقضيضه،
(بينما كان في القصر المنيف يتابع مسار الأفلاك ولألاء النجوم، ذات ليلة حامية الوطيس)
فغر فمه الملكيَّ
مستعلماً من حراسه الشخصيين
عن تلك النقطة المشاغبة
المنبعثة من ذلك الكوخ البعيد في (المعبيلة الجنوبية)
عن ذلك الهَوَجِ الصوتيِّ
الذي لا معنى له
في آخر الليل!


*سمائل، المعبيلة الجنوبية، السيب، مستشفى المسرات (في العامرات): أسماء أمكنة لطيفة، طريفة، جذرية في عُمان.

**شاعر من عُمان

المساهمون