أنا تُرْجُمانُك

أنا تُرْجُمانُك

08 ابريل 2018
(شيفا براكاش)
+ الخط -

أنا تُرْجُمانُك

دعني أترجِمُ دموعك في غير أوانها
مثل أمطار تشيرابونجي اللامنقطعة.
اختفاءاتك المُبَاغِتة مثل قرن من الثلوج اللاتنتهي؛
هجماتك مِنْ غضبٍ مثل بطن البراكين
اكتئابك مثل الساعات التي تُوقف حركة عقاربها.
ضحكتك مثل انبلاج الشمس في الضفّة الأخرى.
أنت أجل مثل فواكه بلا اسم في جزيرةٍ مُوشاةٍ،
أنت لا
مثل حكاية حوادث الغرق.
أنا تُرْجُمان.
اسمح لذاتي بترجمة عينيك مثل ضوء،
فمك مثل رمَّانَةٍ منفلِقَة. قدماك مثل جناحين.
صوتك العذب مثل سوناتة متمهلة الإيقاع.
أنفاسك مثل الهواءِ المُعطَّرِ لأغيالٍ مِنَ الصندل
لأرضي المهدَّدةِ بالانقراض.
لمستك مثل نسيم وديان الهيمالايا، مليئة بالأعشاب الطبية ومياه ذوات طعمٍ معدنيٍّ،
كل شيءٍ يترنَّحُ أمامَ خرَابِ الإنسان.
ولكن عندما يتعلّقُ الأمرُ بمعبدك المقدس
حيث، في خضم النار الطقوسية والمشاعل، الأجراس وآلات الغونج، وغناء المنترات المقدسة،
الصواعد تنصهرُ في نهر من اللهيب،
كل ترجماتي تفشلُ.
وهكذا فأنت قد ترْجَمْتِنِي مثل ذلك اللسان الغبي الذي ينتفض سُدى لشاعرٍ ذي سمعة معينة.

■ ■ ■


قطعة خبز ونحن الاثنان

بين الأرض والسماء
بين القبْل والآن
بين الجوع والظمأ
في هذه اللحظة
قطعة خبز فقط
ونحن الاثنان...

فقط نحن الاثنان
أنا، على هذا الجانب
وأنت، في الجانب الآخر،
أجسادنا وقد تحولت إلى عيون
عيوننا وقد تحولت إلى جوع
نقيس ذواتنا
وننظر إلى بعضنا بثبات
الواحد إلى الآخر
كلانا
لقطعة الخبز

لا يهمُّ
مَنْ مِنَ الاثنين
سيكون الأول،
في اللحظة التي نأخذ فيها القطعة
أو قبل ذلك أيضاً
سأكون أنا غذاءك
أو أنتَ غذائي

هكذا
أنا ماء العسل لخبزك
أو أنت ماء العسل بالنسبة لي

بيننا
في هذه اللحظة
قطعة خبز متعفنة فقط
جد كبيرة كما الأرض.
نحن اثنان...

■ ■ ■


احمِني من هذه الأحلام

ريشة طاووس
تتحولُ إلى نمرٍ
يشرعُ في اقتلاع
اللحمِ اللامع
لِجَسَدِ الليلِ
ويلتفِتُ نحوي
لتدميري

أواه، اقتلعني
من هذه الأحلام
اجعلني قطعًا
أنثرْني
عبر المدن
الكثيفة كما الأدغال

أرني الطاووس
والأفعى.
أرني الجذوات
وأنت تحرق أكواماً
قطعان الفيلة
وكبرياء الأسود
واللبؤات

حرارة النهار تغزو الليل
وموت الليل يغزو النهار
أرني كلا منهما
كما هو

واحمني
من هذه الأحلام

■ ■ ■


حليب

أيها الطفلُ الصغير
الذي في أعماق الليل
يبكي بلا عزاء
لا تبْكِ

البقرة السوداء
مربوطة إلى الوتد
في الكوخ المعتم

بالتأكيد
عند يقظة الفجر
سوف تملأ عدة زجاجات
من حليبها

الليلة العميقة
ليست أبدية
لا تبكِ
أيها الطفل الصغير

■ ■ ■


أحجار

تمطر
على قلب الأحجار
ضربات مطرقة
بعد ضربة
لأيادٍ خشنة
دونما توقف

لهذا تتخفى هذه الأحجار، المسكينة
في حضن الأرض.
فوق التلال وفوق الجبال
في أعماق البحار
وفي صمت قلوبنا

لكن
لما ضربة بعد أخرى تهبط
تغدو الأحجارُ ليِّنة
مثل القلوب
والقلوب قاسية مثل الحجارة

■ ■ ■


أمام مثل هذه السماء

هل تريد أن تصيرَ سماءً؟
دعْ ملايين النجوم
تتألق فوق صدرك
دعْ لكلِّ واحدة أن تكون أكثر لمعانا
ألا تكون أي واحدة أكثر وهناً من الأخرى
اترك لهن كلهنَّ أن يتألق في مساواة
وأن تلتمع كل واحدة منهن بشكلٍ مختلفٍ.
ليتك تستطيعُ أن تصيرَ
سماء مثل هذه

هل تريد أن تصير شجرة؟
دع أن تزهر الثمار
من الجذور حتى الأعالي
لا تدع أن تُكسر الأغصانُ
من ثقل ثمارها
دع أن تزهر ثمارٌ جديدةٌ
في كل مرة تُقطَفُ ثمرةٌ وتُؤكلُ
دع أن تكون ثمرةٍ أحلى من الأخرى
وألا تكون أي واحدة أكثر حموضة
دع تكون الفاكهة والقشرة والعظمة -جميعها عصيرا.
ليتك تستطيعُ أن تصير
شجرة مثل هذه.

(ولكن حينئذ،
أين سنرتد: إلى الشسوع الفارغ،
وإلى العتمة، إلى الفواكه غير الناضجة وإلى التوت الأخضر؟)

■ ■ ■


في انتظار

في فضاء مفتوح وفسيح
بيتٌ منعزلٌ وفارغ
في غرفة مريحة
شكلٌ بشريٌّ صغيرٌ

كانت جدران الغرفة آخذة في النمو
دائما أكثر، أبعد من حدود الأرض
والرجل الصغير
وَحييييدٌ
بالكامل
في انتظار
أن يسمعَ
أخفَّ الخطوات
مِنْ قدَمٍ صغيرةٍ
لإنسان آخر.


* Shiva Prakash شاعر هندي من مواليد عام 1954.

** ترجمة: خالد الريسوني

المساهمون