من دروس روزاليندا

من دروس روزاليندا

02 ابريل 2018
محمد المليحي/ المغرب
+ الخط -

عيون الآخرين

عندما لا أفهم شخصاً ما، أحاول أن أرى بعينيه، ليس لغاية تبني نظرته (فأنا لي نظرتي الخاصّة)، لكن لكي أرى ما يرى. وهذه طريقة لجعل الحوار ممكناً.

■ ■ ■


قوة الضربة

إن قال لك أحد إنك شتمته أو جرحته، فاحذر أن تقول له إنه يبالغ. فوحده من يتلقّى الضربة يستطيع أن يحدّد قوتها.

■ ■ ■


الأناقة

خطأ أن ننتظر من الآخرين أن يحسّوا بأناقتنا، أو بأناقة حركاتنا. فالأناقة لغة، ولفهمها لا بدّ أن نتكلمها قليلاً.

■ ■ ■


الحوار

الحوار ليس تبادلاً للمعلومات أو للشكاوى أو للمطالب، بل هو اعتراف متبادل. فلِكَيْ أتمكن من إقامة حوار مفيد مع مخاطَب ما، يجب بدءاً أن أعترف بموقفه وتَفَرُّدِه ومشاكله. والاعتراف هو بمثابة الطقس الذي يجعل من الممكن المرور من علاقة احترام إلى حوار حقيقي.

■ ■ ■


الاعتراف

إن الاعتراف بشخص أو بمجموعة لا يعني الاعتراف بوجودهم ولا قبولهم، إنما الاعتراف حضورٌ تامّ ودون قناع أمام مشاكل الآخرين. بعبارة أخرى، أن تقبل بشخص ما ،هو أولاً الاعتراف بأوجاعه وآلامه. غير أن الإيمان بمركزية الاعتراف لا يعني مطالبة الآخرين به، فنحن لا نطالب بالاعتراف ولكن نمنحه، ولا بّد أن يعود إلينا يوما ماً.

■ ■ ■


وقع الكلمات

"في الحب الحقيقي، كما يقول نيتشه، الروح هي التي تُدَثِّرُ الجسد"، مما يعني أن الرجال الذين يعتقدون أنهم في حاجة لأيديهم للمس امرأة، ما تزال هناك أمور يجب أن يتعلّموها عن الحب. فوحده الكلام قادر على ملامسة رهافة الروح، والأيدي تأتي في ما بعد، تأتي لقطف فاكهة أنضجها دفء الكلمات.

■ ■ ■


رقص ثنائي

نجاح الرقصة يتمثل في تسهيل حركة الشريك وحريته وإبداعه: يجب أن نحب كما نرقص.

■ ■ ■


رد لفعل

إذا صَرَخْتُ كل مرّة بأن البعوض يلدغني، فسيكون صراخي مِلْكاً للبعوض. فرد الفعل يكون دائماً ملكاً لمن يثيره.

■ ■ ■


الطموح

ثمة استراتيجية للصعود وأخرى للبقاء في الأعالي. من يختار أن يقفز لبلوغ القمّة، عليه أن يجرّب شيئاً آخر للبقاء هناك. لأنه لو استمر في القفز فسيسقط أو -وهذا أنكى- سيبدو أحمقاً.

■ ■ ■


النفاق

من يكره الناس في سرّه ويزعم أمام الملأ أنه يحبّهم، يعترف رغماً عنه بتفوّق الحبّ على الكراهية أخلاقياً. يحقّ لنا القول إن النفاق احتفاء للرذيلة بالفضيلة.

■ ■ ■


الإساءة

هناك طرق عدّة للإساءة لشخص ما، أكثرها سذاجة تتجلّى في التهجّم عليه مباشرة. ما الذي يضرّ أكثر؟ الإشادة بعدوّه.

■ ■ ■


الأدب والحقيقة

تقول لي إن هذا ليس سوى أدب؟ ماذا لو كان الأدب أكثر حقيقة من الحياة؟ ها نحن نناقش منذ ساعة تقريباً، وأرى أنك تتثاءب. أنا متأكد أنك لو وجدتني مملّاً فلن تستطيع أن تبوح لي بذلك. أنا الآخر لن أقول لك إنّك مملّ إذا كنت كذلك. إنها مسألة تأدّب ومظاهر. لكن إذا كنا شخصيتان في مسرحية أو في رواية، فأنا متأكد أن أيّاً منا لن يتردّد لحظة واحدة ليقول للآخر: "أنت مملّ". فما الأكثر حقيقة، الأدب أم الحياة؟ الأدب يسمح لنا بأن نكشف عمّا لا نستطيع التعبير عنه في الحياة اليومية. إنه طريقنا الوحيد إلى الحقيقة.


* كاتب وشاعر مغربي، والنصوص مختارة من كتاب "درس روزاليندا" الصادر مؤخراً بالفرنسية.
** ترجمة: محمد الخماسي

المساهمون