هكذا قالت القيروان

هكذا قالت القيروان

19 ابريل 2018
سامي الغربي/ تونس
+ الخط -

اللوز ثمرُ القيروان المحرّم
من وحشة السّنابل
رقّ خيال "الحصري"
من أعين لا تذرف الرّمل،
بكى "الفقهاء العشرة"
من صرّة البلد
نبتت أشجار اللوز
نوراً وناراً
الدّراويش...!؟
نقّطوا قبّعاتهم المهترئة بالدّمع
وسمّوها أعينهم الحالمة،
ليروا ما تشتهيه الأغنيات
أمّا أشجار اللّوز
يا أشجار اللّوز
أغصانك ضفائر معلّقة
لشنق الأكفّ الممتدّة إلى ثمر
الخطيئة
القيروان آلهة تحرس أزهارها
"لا تقربوا تلك الشّجرة"
تطيّر القيروان
شعرها
"من يلبس ثوب الألوهة لأكون
عارية وآكل من ثمر محرّم"
في...
رقصة هستيريّة
تنزع ثوبها،
ما أشهى أن تكون حرّاً من الألوهة
-هكذا قالت-
أنا الكائن المجرّد من المادّة
"مُـرّي أيّتها الكائنات المجرّدة
مُرّي، واقطني كفّي،
صيري أنهاراً من الرّغبة
تُزّين أناملها
جَداول "أبي اليسر" 
تهزّ القيروان
خصرها
خارج
خرائط
"الحسن الوزّان"
الدراويش...!
تتقاطر الألسنة
على ستائر
ضريح "البلوي"
جملاً خضراء.
في الزاوية الأخرى
يتمتم الدرويش أغنيات
تتغزل بأجساد البنات
آه لو يسمع المرمر القيرواني
غليان أجسادنا
هل...؟
سقطت جميع السّتائر -سهواً-
ذاك الضّريح
عَارٍ من هالتهِ
تلك الأجسادُ
عارية من أخيلَتِنَا
صاح الدّرويش: "أين السِّتارُ
أين الستار؟"
الدّراويش... !؟
سأُلبِسُكمْ فساتين الزّيتون
أسفلَ ضفاف البلد
فهل تعذّب الآلهة
أصابع العابثين؟
الأفاعي المنسلّة
من
ساحة "المرابطين"
تبحث عن أغصانٍ لتلك الشّجرة
المشتهاة
لكن،
لهم المنافي
هلالاً ونجمة
اليوم
تنمو ثمارٌ مسمومةٌ
في..
تلك الشجرة
"سأعودُ آلهةً"
-هكذا قالتِ القيروان-
من يُلبِسُني ثوبي.. من يُلبسُني تاجاً
من زهر اللّوزِ وأغصانِ الزّيتونِ...
اليومَ أعلو.. وأغلقُ أبوابَ العالم
السّفليّ
اليومَ
تتسرّبُ أحلام الأغلبيّ
من ثقوب المزمار
أغاني وألحاناً
فترقصُ الكلمات شعراً
اليوم
تعلّق الأعين..
على الشّرفات
لتفوح روائح
السّباخ من أدمعها
وغدًا تأخذ الرّيحُ
شكلها الرّسميّ
غدًا تحنّط
برك الملح
لتكون شاهدة على الألوهةِ
غداً
تغيّر الثعابين
عناوينها
غداً تدقُّ
أشجار الصبّارِ
ألسنتَهُمْ
بمسامير الغضبْ
فلماذا يا بلادي
كلّما افتضّوك
صرتِ أحلى!؟

■ ■ ■

عادات الشتاء
الخيانات تعجّ بنا
ليل ركيكُ الخطوات
غرابٌ نزقٌ يواري خيباته
صباحات ثرثارة بلا وجهة
لم أعُدْ أحبُّ القهوة
أنزلق حين تفيض
سأغيّرُ عادات الشّتاء
لن أتابع نشراتِ الأخبار
لن أتصفّح الجرائد
سأشرب الشاي دون سكّر
وسأغرق في رتق الأمنيات.

■ ■ ■


غير قابلة للقضم

البعوض الذي يقاسمنا لحظات القبل،
يغارُ من لهفتنا اللامُتناهية
يفْتكُ بأجسادنا...
كلّ ليلة
لكن أرواحنا
لا تقبل القضم.

■ ■ ■

إبرة 
كدمية قشٍّ
في جنبها الأيسر ثقبٌ
والرّيح
تضرب كل الجهات
بدهشة في العيون
ترصد قشّها
الدمية فاغرة الرّأس
والروح تغمغم:
هل تخيطني إبرة الله؟

■ ■ ■

من يحدّد عناصر الظلال؟
أرض القيروان ليست من تراب وماء.. هي الآلهة
أو نصف الآلهة من دم وطين..
هي المقدّس والمحرّر في ذاكرة الشّجر..


* شاعرة من تونس

دلالات

المساهمون