كيف يُكتشف سائحٌ

كيف يُكتشف سائحٌ

06 مارس 2018
(سائحة في البندقية"، جونيل سامرفيلد، 2015)
+ الخط -

اكتشاف سائح أمر بسيط للغاية. كقاعدة عامة، يسيرون خلف ورقة كبيرة ينظرون إليها كل سبع خطوات بالتحديد، محاولين بلا جدوى طيّها ضد عناصر الطبيعة، وتحديداً ضد الريح. تُمثّل تلك الورقة المكان الذي يتنقّل عبره السائح. ومن المألوف أن تجد عليها علامات وكتابات تعطينا فكرة عن الخطوات التي قطعها.

السائح في الغالب يمشي ورأسه مرفوع، ناظراً إلى السماء. لا تعتبرها إشارة غطرسة. إنهم ينظرون إلى المباني المحيطة، محاولين أن يجدوا فيها قيمة جمالية أو تاريخية رغم أنها في العادة تفتقر إلى ذلك.

هذه سمة مميِّزة وتسمح بالتفريق بسهولة بين السياح والسكان الأصليين، الذين على العموم يمشون وهم ينظرون إلى الأرض. المشي مع النظر إلى السماء يتطلّب مهارة كبيرة، وخاصة في مدينة مجهولة، وهو شيء فطري لدى السائح. يُستحسن في كل الأحوال أن نكون حذرين، إذ يمكن أيضاً أن يكون شخصاً من السكان الأصليّين يبحث عن شقة.

من المعروف أن هناك نسبة عالية من الزيجات بين السياح والجارات اللواتي يُحببن النظر من شرفات الطوابق العليا وبالصدفة يتبادلن النظرات مع السائح. إذا كنتِ واحدة من تلك النساء، احذري إذن عند النظر، أو لا تحذري، حسب ذوقك واحتياجاتك.

من السهل جداً العثور على سياح في المطاعم النموذجية للأكل المحلي، حيث الأسعار مرتفعة وجودة الطعام منخفضة.

تكشف بعض الدراسات عن درجة عالية من التطابق بين السياح وعشاق التصوير: الكثير منهم يحملون آلة تصوير.

العلاقات بين السائح وابن البلد هي موضوع دراسات وتحاليل موسّعة لا مكان لها هنا. على أي حال تجدر الإشارة إلى أن ابن البلد بشكل عام يُظهر نوعاً من الرفض للسائح وهو الأمر الذي لم يتمكّنوا من أن يجدوا له أسباباً أنثروبولوجية مقنعة.

كمفارقة، يصبح ابن البلد سائحاً بمجرد حصوله على رحلة عطلة نهاية أسبوع إلى إحدى مدن الأجنبي، حيث يصبح هذا الأخير بدوره، ابن البلد. يحدث تبادل بين الأول والثاني في الاستعمالات والعادات بسهولة مستغربة، لذلك لذلك ليس من الحكمة إهانته: إذ يمكن لأي شخص أن يصبح سائحاً، وجميعنا، رغم إنكار البعض، كنّا سياحاً في إحدى المناسبات.
تظهر على السائح بعض السمات المميّزة، مثل الملابس أو لون بشرته، تسمح لنا بتمييزه بسهولة. في حال كان جميع من حولك تظهر عليهم تلك السمات كن حذراً: من الممكن جداً أن تكون أنت السائح.


* Fernando León de Aranoa كاتب ومخرج سينمائي وسيناريست إسباني ولد عام 1968. والقصة مأخوذة من مجموعته القصصية "هنا ترقد تنانينٌ" (2013).

** الترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي

المساهمون