أفضلُ طريقةٍ لتعريف الشِّعر

أفضلُ طريقةٍ لتعريف الشِّعر

07 فبراير 2018
هناء مال الله/ العراق
+ الخط -

السمكة

سَحْبُ السَّمَكة مِن الجَليد
احْتفاءٌ بالحياة والنار، وأفضلُ طريقةٍ
لِتَعريفِ الشِّعْرِ،
قبل ذوبان الكوكب الأبيض تحت أقدامِنا، ودُخولُنا
في فصلٍ آخرَ مِن الوليمة.
هذا كلُّ شيء،
لكنَّ الطريقةَ المُثلَى، في مِثل هذا الطقس
حَيثُ يَحْتشِدُ البَردُ، ويَمرضُ العصفور
على غصنه الأجْرد
تعْنِي الكثير،
فالكلاسيكيون يَحْملون رُمْحاً
وبَلْطة لِفصْل رأس السمكة عَنِ جِسْمِها
الرومانسيون يَتَزحْلقُون على الجليد
ومَرَّة بَعْدَ أخرى، يُلقون نظرةً على التلِّال البيضاء
الرمزيون الأوائل يَبحثون في عَينيْ السمكة
عَن لآلئ ما وراء البِحار
أما شاعرُ النثر مِثلي
فَيَغُوصُ، بكامِل لَحْمِهِ، في قبر الماء
الذي انشَقَّ مُعْتِماً أسْفلَه
حَتَّى لا يُمكِنُ أن تُفرٍّقَ بين ذِراعِه وبَين السَّمكة السابِحَة
التي تقَضَمُ أصابِعَه الخمْسَة
في دَورةٍ أخرى لِلحَياة، لِلدَّم القُرمُزِيِّ،
لِلفَن،
لِلصَّلاة.


■ ■ ■


دَمٌ مُسْرِفٌ

باقتصادٍ، لا أكتبُ.
(مَن كان مِثلي، هل يتَسنَّى له ذلك؟)
إني شاهِدٌ على المُجازفة بِأزهارِها الزَّرقاء
التي تُشرِفُ على الحافَّة
مِن جُحْريَ اللَّامرئي.
في كُلِّ أثَرٍ مِنِّي
مَهما كان نافلاً، صغيراً، ويكادُ لا يُرى
ثمَّة دمٌ مُسرِفٌ، دَمُ النَّحلة
ثمةَ حَجَرٌ أبيض، هو حَجَر النَّرد على طاولة الشعراء
ثمة رياحٌ بأصابِعَ طويلةٍ، أصابعِ السَّاحِرة تمتَدُّ من أعماق الهاوية
تَخلعُ النافذة
وتحمِلُ السَّريرَ الذي يَرقدُ فيه الطفلُ
إلى البَحْرِ
هناك، يَحلُمُ مَن كان مِثلي بِبَيْتٍ وقلْبٍ طافحِ الخَمْرة،
أفتحُ جُمْلةً لها بابان وشُرفة
مِنها يَأتي نوتيٌّ حَزينٌ
يُرشِدُ الصَّخْرةَ إلى أغنية الغَريقِ
أنا بالأسْفل
أرَدِّدُ مَقطَعَها الأخيرَ المُثقَلَ بالمِلْح
مَقطعَ الصياد
الذي تخلَّى عَن قَصَبته وعَلَّقَ المَوجةَ على جُدران بَيتِه القديم
لِيُصْبِحَ نَجْمَة بَحْرٍ.


(شاعر مغربي من مواليد 1965)

دلالات

المساهمون