عزلة شديدة الصخب

عزلة شديدة الصخب

09 ديسمبر 2018
الشاعرة
+ الخط -

الأطفال

اختفوا، بسرعة
ولم يتركوا أثراً، الأمواج الملتفة، الزمن المنسحب كزوبعة
كل تيار على حدة من التيارات الدوّارة، تجعدات شعر ناعمة، بسمات مشرقة،

مساحات ومساحات اختفت، تلك التي من بهاء، قبل ذلك
كانت عبارة عن انعكاسات باهتة على الأرض.
ملائكة الشيروبيم، استعاروا هيئة الروح الأولى،
التموج "الكوانتي" لأجنحتها الملتمعة في الضوء
تمَوُّجُ الانعكاس.

الزمن المنسحب كزوبعة يلتف ويلتف، ملائكة ناعمة،
سريعاً جداً تلاشت انعكاسات النجوم.


■ ■ ■


آهات

أسمع، سرب المطر، يصيح مثل ديَكَة، يندفع خارجاً من بين جموع
الفوضى ونوبات الهلع المستثارة، يجتاح عابراً، يضحك،
قهقهات الضحك ترتطم بحائط البكاء. الكارما الظافرة تمسك في فمها
نصلاً حاداً وتقطع الآهة إرباً؛ قطعة، قطعتان،
ينتفض الريش، راقصاً. تبرز أنت من قلب الثلج الدوّار.
ما لا يمكن أن تتصوّره يحدث. إنه الوقت،
قطرات دم أبيض تتناثر، ندف الثلج في أبهى حلة زهر.
أرى، أرى قلبك المليء بالألم العظيم وهو ينتفخ، ينتفخ
إلى أن يهدر ملاك ما كالرعد، ويشد بإحكام جذور
جناحه الكبير التي لم يألفها أحد بعد، حائلاً دون هبوب الريح
من الفجوة في قلبك، ثم ينحني برأسه لينقر
بمنقاره الحاد هذا العالم المتحجر الضخم جداً. أنت، وقد تخشبتَ،
آهةً هائلةً جداً، تقف منتصباً بينما داخلك يحترق.
جدار نار، جدار نار يحترق في مزيج من الظلام والرطوبة، نافثاً
دخاناً أبيض مراً، ينهار ويطمر، يطمر الآهات الأبدية.


■ ■ ■


الركوب

مثل قنديل بحر تتفتح لك روحي المجرّدة مما ملَكَتْ
شفافة، بريئة، غافلة عن سموم ذاتها.
هي لا تشعر الدفء والحميمية إلا تحت نظرة عينيك.
تحبها أنت مثيرة للشجن، أليس كذلك؟
منذورة هي كي تكون ملكاً لك؛
بشكل مطلق، الآن، أنت التأرجح الأخضر المائي الجميل للمترو المتحرّك، إبريق ضخم،
بينما أنا قطرة صغيرة بين الركاب الذين يستقلّونك.
بلمحة بصر واحدة فقط، تعرف كل شيء.
في داخلي، تُرجّع جزيئات الماء صدى تأرجحك، أليس كذلك؟
تباً لك!
عزلة شديدة الصخب.
مستعدة أنا لأجف وأذوي بين ذراعيك،
ثُم، ترى كرة من فضة لامعة هناك
تعد بأن تعطيك
مداراً أرضياً منخفضاً مركبة فضاء روحية
تصعد من كفيك.


■ ■ ■


رقصة الحب

تلك الوجوه المتعبة هي جميعاً وجهي؛
تلك القلوب اليائسة هي جميعاً قلبي؛
أولئك المكافحون جميعاً يكافحون داخلي؛
هذا العالم المليء ثغرات هو اللباس الذي ينبغي أن أرتديه؛
على أن تلك السعادات السطحية لا تستطيع إشباع روحي التواقة.
فقط في كل التماعة نور من التماعات الألوهة الخلاقة،
أرى ميراث السعادة السري،
ينشر ذيله اللامع الضخم الشبيه بذيل الفينيق
يسند بثبات خصري وبلطف
في رقصة البقاء الوحشية.


■ ■ ■


لحم القربان

سروال جينز منكمش ملطخ بالوحل
ملقى في الشارع على نحو غير عادي بعد المطر
يشبه وجهاً أكل عليه الطقس وشرب
لا أحد يعرف إن كان بعض بقايا
عنف ما، أو حادث مؤذ، أو فقط ببساطة مرمياً هناك.

جمعٌ من الناس ذوي وجوه متعبة ينتظرون الحافلة
يحتشدون داخل المحطة في الوقت ذاته كل يوم
كلما جاءت حافلة
تحرَّك الجمع، كما لو
سرب طيور جارحة يندفع نحو لحوم قرابين.

هذا الصباح، وعلى غير العادة
تلمح رؤياي المعطوبة
جانب القَدَر الأكثر قتامة يُجاري
لحم قربان يغذ الخطى نحو هلاكه.


* شاعرة صينية من مواليد 1972
** ترجمة عن الإنكليزية: نور الدين الزويتني

المساهمون