خاضعةٌ، كما ترى، للزمن

خاضعةٌ، كما ترى، للزمن

04 ديسمبر 2018
ماريّا غراتسيا كالاندروني الشاعرة (تصوير: سيرينا كامبنيني)
+ الخط -

تمرينٌ بسيطٌ على الحرِّيَّة

واحداً تِلْوَ الآخر، مآبرُ الأزهار
تقولُ نعم
في نهارات أيلول العِذاب

انظرْ، العالَمُ مكتملٌ وموفور،
ما كان بإمكاننا أن نجعله أمثل من هذا

انظرْ إلى الأشياء
بعذوبةٍ،
بعذوبةٍ تنظر إليكَ
الأشياء:

بروحكَ
احذُ حَذْوَ الأشياء

أنتَ، يا مَن أنتَ في حدِّ ذاتك عالَمٌ، انظرْ
إلى الأزهار
كما لو كنتَ زهرة
ثمَّ انظرْ إلى النَّحل
كما لو كنتَ نحلة

ثمَّ انظرْ إلى الأزهار
بعيونِ نحلة

ترَ أكوابَ اغتذاءٍ حمراءَ، وصفراءَ،
وزرقاءَ، وبيضاءَ
أُعِدَّتْ لأجلك

اشربْ،
صِرْ قويَّاً

ها أنت تنظر الآن
عالياً
إلى أشعَّة الزُّرقة

تصيرُ أنت السَّماء

تصيرُ نهاراً عذباً من نهاراتِ أيلول
يدومُ إلى الأبد.


■ ■ ■


إنَّه الخضوعُ ما ينجِّي كلَّ كائن

في حالات الطَّوارئ يستخدم الجسمُ بروتينات عضلاته نفسِها
لكي ينجو. كلُّ أعضاء الجسم تبطِّئ نشاطها. آخرُ المستسلمين
هو القلب، الذي يترهَّلُ مثل منطادٍ
بين الأعضاء الأساسيَّة
حينَ اللَّحمُ الخامُ للضَّحيَّة يعلق بالأرض كمثلِ فُضالة

ويدا الضَّحيَّة تلتصقان بالتُّراب كأنَّهما الفُضالةُ الشَّحميَّةُ
لرغبةٍ في الحبِّ
لم يُطفئها حقَّاً هذا السَّلام

الأشبه بنارٍ طُرِحنا فيها: ورودٌ كبيرةٌ في أيدينا
وفي أعماقنا الحريق. هكذا
صيَّرَتنا الحياة. أنا أيضاً، مع أنَّني بلا خطيئة،
ذلك أنَّه لا وجود للخطيئة،

خاضعةٌ، كما ترى، للزَّمن
بينما أجدُ نفسي مُلزَمَةً بمخالفةِ
هذا الهلاك. فيا أيُّها الحبُّ
الذي تراني، أيِّدني، ثبِّتْ على جسد الحياة الواقعيَّة، والآنَ على جسد الواقع
الوحشيِّ والمشترَكِ للموت،
جسدَ الضَّحيَّةِ المخلوقَ من جديد.


■ ■ ■


القلبُ وحده بمحاذاةِ التُّراب (الزَّهرةُ-القِرْدَة)

1.
إنَّكِ ترين حزن البهائم، ترين
كيف تحني رؤوسها تحت السَّماء
حيث تراها السَّماءُ
من دون أن تُرى

ترين قوسَ الأوتارِ العضليَّةِ
المشدودةَ وترين أنَّ القلب وحدَه ما يبقى
بمحاذاة التُّراب، كإبريقِ دمٍ صامتٍ
لا يُصَبُّ
منه شيءٌ، أيُّ شيء

ترين القرود
وقد صُيِّرَتْ زرقاءَ من شمس الصَّباح
ترين مكوثها
بوجوهٍ مرفوعةٍ نحو الشَّمس علَّ إلهها المصغَّر
يغفر لها

2.
ربَّما كانت هذه الزُّمرةُ البهائميَّة الصَّغيرة قريبةً من الله.
ولكن هل سيتكرَّم هو بذلك؟
بأن يخفِضَ عينيه
لتلك الحُلوق المفتوحة؟

هل سيجرؤ على قول كلمة؟ فوق هذه
القرود التي تريد
أن تبقى هناك في جرح غيابه
مثل صُرَرِ أزهارٍ عاريةٍ مسفوحةٍ على مذبح

3.
جسدي مذبحٌ من طين
مذبحٌ يُرسل نباحاً
دونما انقطاع

حتَّى لو كانت النِّهاية لانهائيَّةً أحملُ سقمَ
الحبِّ البشريِّ مثلما تحمل الوردة تويجَها
أنا الزَّهرةُ-القِرْدة.


* Maria Grazia Calandrone شاعرة وكاتبة مسرحيَّة إيطاليَّة من مواليد ميلانو 1964، مقيمةٌ في روما، وتعمل مؤدّية مسرحيَّة، كما أنَّها مُعدّة برامج ثقافيَّة في إذاعة RAI Radio 3، وناقدة أدبيَّة في مجلة "Poesia" وفي صحيفة "Il Manifesto". من مجموعاتها الشِّعريَّة: "صخرةُ المواجهة" (1998)، و"القرد الضَّال" (2003)، و"كما لو بعَزمِ رَسَنٍ متوقِّد" (2005)، و"الآلةُ المسؤولة" (2007)، و"على فمِ الجميع" (2010)، و"سلسلة أحفوريَّة" (2015)، و"أنا الآخرون" (2018). القصائد مِن مجموعتها "العاطفة الأخلاقيَّة" (2017).
** ترجمة عن الإيطاليَّة: أمارجي

المساهمون