إذا تأخرتُ فهذا لأني صادفت في طريقي زهرةً

إذا تأخرتُ فهذا لأني صادفت في طريقي زهرةً

28 ديسمبر 2018
(من قراءة للشاعر في أثينا)
+ الخط -

العودة
إذا تأخرتُ، فهذا لأني صادفت في طريقي
زهرةً تقف وحيدة بين الصخور.
رجاءً، إلى حين أن أصِلَ،
اقبَلي طيورَ السنونو التي أُرسلها لك
فستنسج لكِ عُشاً تضعين في داخله صمتي.


■ ■ ■


رجوع
أيتها الطيور الراحلة وهي ظمأى نحو الغرب
لا تعودي مرّة أخرى
نحن هنا سنقتلع شجرة رُمّان،
ونعصر ثمرها ونشربه
ونتركها للشمس حتى تجف
كما كانوا يتركون في قبورهم عبر العصور شيئاً من متاعهم.


■ ■ ■


تَحَوّلات
كنتُ على وشك القول
بأن يديكِ
معلّقة من جذع شجرة زيتون،
لكنّ امتداد ظلّك على الحائط قد وشى بكِ،
وأيضاً ذلك المنديل،
الذي لا يعرف أحداً
إن كان يحجب شعركِ،
أم يُخفي عينيكِ.
وهذا الجسد،
الذي يشبه صور التماثيل،
لكن متى يصير مرمراً؟


■ ■ ■


إرجاء
(أبيات مغناة)

اليوم سأهبط من القمر،
لديّ عملٌ أُنجزه في السابعة.

فقد وعدتُ أحد الأصدقاء،
أن نذهب معاً كي نزرع سُنْبُلتين.

اليوم سأهبط من القمر،
لديّ عملٌ أُنجزه في التاسعة.

فقد وعدتُ إحدى المحبوبات،
أن نذهب معاً كي نبحث عن مكان مُظِلٍ.

لكن الوقت قد مرّ واحتجب القمر،
وهنا من أعلى، مَنْ عساه يسمعني.


■ ■ ■


إلى آخيل الذي ظلّ في جزيرة سكيروس
الآن اصنع ما يحلو لك،
لن يأتي أحدٌ ليأخذك بعيداً عن سكيروس،
وعندما سنغادر نحن الميناء،
ثمة امرأة ستقف على بابك، فافتحْ لها.


■ ■ ■

إلى شاعر شاب
طيلة الليل وأنت تصارعه، دون جدوى. ربما لست في حالة جيدة. فلتفعل شيئاً آخر. فلتذهب في نُزهة. تجوّل حول أحد الميادين (اختر ما شئت منها، ما عدا ميدان "سيندغما"). العبْ فوق مربعات الأرصفة- سِرْ فوقها دون أن تطأ الخطوط المُتقاطعة. في لحظة ما، ستلاحظ أن خُطوتك بدأت تكبر ولا يسعها الإطار- لا تنزعج. ولا تدع الغزلان والطيور تُشتت انتباهك. وعندما يتحدثون إليك لا تلق لهم بالاً. فلتحتفظ في عقلك دائماً بذلك الأمر الذي تركته في منتصفه أو بداياته. بإمكانه أن ينتظر قليلاً، لكن إذا تأخرت كثيراً سينتقم منك بطريقة أفظعَ لم تكن لتتمناها.

أشرقت الشمس. ازدحمت الشوارع بالسيارات. اختفى الصمت ثانية داخل البيوت. ازدحمت الأرصفة بالأقدام، والتنهدات، وبالكثير من النظرات. أما أنت، فلتتوقف قليلاً.


■ ■ ■


إلى شيخ
الآن بعد أن جنيتَ كل هذه الخبرة،
المُتراكمة في رأسك،
المحروسة في قلبك، والمنحوتة على يديك،
لا تطلب من الزمن أن يعود إلى الوراء.
لأنه إذا ما لُبّي طلبك
فسوف تزداد الأمور سوءاً.


■ ■ ■


إلى نفسي
شيء تذكّرته فضحكت،
شيء تذكّرته فلعَنت،
شيء تذكّرته فانحنى ظهري،
شيء تذكّرته فعادَ بجرح
شيء تذكّرته فشردت،
شيء تذكّرته فرجعت من شرودي،
شيء تذكّرته فتذكرتك،
شيء تذكّرته لكنّي نسيته.


■ ■ ■


كابوس
غفوت
وأثناء نومي،
امتد الخراب من حولي سجناً
بينما الطريق، حيث استلقيتُ، كان مفتوحاً
وأشجاره لم تكن تُخفي شيئاً.

استيقظتُ محاولاً النهوض.
لكن صدري كان مثقلاً بالكتب،
التي صارت جميعها قصيدةً مطوّلة،
كأنها خيالُ ظلّ يكبر ولا أستطيع اللّحاق به.

وحدي كنتُ أبحثُ علّي أتبين أثراً
يدل على مرورهم من هنا
لكن إلى أين ذهبوا؟ أين توقفوا كي يشربوا الماء؟
ومن أين كانت تُسمع تلك الأصوات التي ساروا خلفها؟

بين تلك الصخور منازلهم كانت،
تُرى، هل سأكون هنا عند عودتهم؟


■ ■ ■


ما رسمناه معاً
دعنا نرجئه ليومٍ أفضل.
فلست أرى الغيوم مُنقشِعة
قبل حلول المساء.
حتى أن طائرَي السنونو لم يظهرا بعد
ليدورا حول الصخور.

غير أن السنابل ستعلو الشهر القادم.
وتصير التربة أكثر دفئاً،
والجروح في أقدامنا أقل
وعندما يأتي الغريب ليبحث عن قليل من الحبوب،
فالأفضل ألا يجد البيت خالياً.


* شاعر وموسيقي يوناني من مواليد أثنيا عام 1983

** ترجمة عن اليونانية محمد عبد العزيز

المساهمون