تركت باب القصّة مفتوحاً

تركت باب القصّة مفتوحاً

03 أكتوبر 2018
سيراك ملكونيان‬‎/ إيران
+ الخط -

نحن عُصبة
العصبة الذين جاؤوا يحملون الربابات؛ وقفوا أمامي وانحنوا؛ وكنتُ جالساً على هذا الكرسي، فجلستُ وبدأوا يعزفون الربابة؛ تُصوّت مثل قطيع طيور تنهض من بحيرة. كانوا يلبسون ثياب الحداد. العصبة خلعوا ثيابهم أمامي وبدأوا يعزفون الربابة ثمّ سجدوا تاركين رباباتهم تصوّتُ مثل قطيع طيور تنهض من بحيرة.


■ ■ ■


لا يبقى من الزمن
لا يبقى من الزمن إلا المستحيل؛ وأنت لستَ إلا كاتباً يكتبُ ما لم يَرَ. في غابات النخيل توجدُ روحٌ هائمةٌ أضاعت حجرها الكريم أو جسدها المتلاشي؛ وحُرمت من رؤية البيت والنخلة وذلك الزقاق الذي تركض فيه الأفاعي. كن في صحوناً ماءً يتنزّل فأنت روحٌ هائمة في غابات النخيل.


■ ■ ■


الخروج، ثانيةً
ستخرج من أعماق الأرض فتاةٌ جميلة. غابت في الأرض وهي عجوز وستخرج مثل فتاةٍ جميلة. تحت عباءتها تخفي ينابيع وبساتين. ستفتح هذا الباب فتاةٌ جميلة. كانت في البيت تسكن عجوزٌ وستفتح الباب فتاة جميلة؛ عارية الرأس ومصقولة الصدر وتحمل سكينًا بارقة تستعدّ لتقصَّ بها عليَّ حكاياتِ الدنيا.

■ ■ ■


حكاية
الأطفال الذين أتوك فجراً وصعدوا السلالم ودخلوا عليك دون أن يفتحوا الباب كانوا رعاةً غرقوا في زمن مجهول؛ نحن اقتبسنا من النار روع النهار وسرحنا في مروج الشعر؛ حاولنا أن ننقذ حياتنا من لغة واحدة وأن نغيّر لغتنا؛ نحن غرقنا مع الزورق المثقوب في آخر الغروب.


■ ■ ■


وعدتَني
وعدتَني ألاّ تعدَني بشيء. في البيت الخالي، في ذلك الرواق في ليلةٍ ممطرة ثمّة عاشقان. قديمًا كان رجلٌ قويٌّ وامرأةٌ جميلة، يسرحان بين النجم والطريق، بين القمر والمقبرة. وعدتني ألاّ تعدني بشيء؛ ألاّ تعود ثانيةً إلى السدرة أيُّها الطفل.


■ ■ ■


ليس هنا امرأة
ليس هنا امرأة تقصُّ ضفائرها احتجاجاً للنهر الذي يجفُّ بين الأيام. كلُّ ما نتصوّر يحدث؛ وحياتُك حبرٌ وجدران؛ وأبوابٌ تتقاسمُ بين أسنان الشمس وقبضة البرد. والعربيّة الجميلة التي مرّت من هنا تركت باب القصة مفتوحاً ولم يدخلْ أحد؛ لا فارسٌ ولا حلمٌ هارب؛ وأنت مثل زورقٍ مثقوب تنقلبُ في النهر الذي يجفُّ بين الأيام.


■ ■ ■


ساعي البريد طرق الباب فجراً
غداً سيأتيك خبرٌ جيّدٌ؛ سيأتي مثل عصفور؛ أو فراشاتٍ تبحث عن شمعة؛ أو سائلٍ قديم. يأتي مثل هواء ويدخل البيت ويخرج حاملاً أخبار أشيائك. الكوبُ ينتظر؛ جذوة النار تنتظر؛ الكتب تنتظر؛ وأنت تكتب منتظراً شيئاً يحدث بين هذه السطور.


■ ■ ■


لا أعرف ماذا يحدث
لا أعرف ماذا سيحدثُ في السطر الثاني من هذا المكتوب؛ أنا أكتبُ أفقيّاً؛ ملائكتي تصطفُّ أفقيّاً حاملةً ألواحي؛ شياطيني ينامون أفقيّاً؛ ولا أريد أن أعرف العلاقة بين العرش والفرش؛ أنام وأستيقظ أفقيّاً؛ الماء أفقيّاً والنار تعلو لتضئ هذا السطر ويدي لا تعرف الكتابة إلّا من يمين إلى يسار.


■ ■ ■


الناس نيام
لا أريدُ حياةً أكتشفُ سرَّها بعد موتي. مرآةٌ هنا أقف تلقاءها ولم أرَني ولكنني أرى كرسيّاً؛ على الكرسيّ شخصٌ في يده مرآةٌ أرى فيها شخصاً يُشبهني وفي يده مرآةٌ وفي المرآة مرآةٌ يقف فيها شخصٌ يشبهني وكأنّه يقول لا أريدُ حياةً أكتشفُ سرَّها بعد موتي وفي المرآة شخصٌ يجلس على كرسيّ وفي يده يتفتّت هذا الزجاج.


■ ■ ■


مسرحية من مشهد واحد
جاء رجلٌ من يمين الجسر وجاءت الفتاة من اليسار؛ الرجل ذو النظّارة والفتاة المصابة بالكآبة التقيا على الجسر. مدّ الرجل راحة يده وأراها مسرحية قصيرة من مشهدٍ واحد: رجلٌ ذو نظّارة طبيّة وفتاة كئيبة التقيا على الجسر.


■ ■ ■

تعالَ أيقظْني
تعالَ أيقظْني؛ أنتظرُك قرب عنفوان الصخرة والأشواك التي تتآكل. أنا قدّيسة الأزمنة المتتالية؛ دعْ الناسَ في أهوائهم وتعالَ أيقظني؛ كلماتُك يجهلونها وأنا قدّيسة الأزمنة المتتالية. دعهم يتكالبون على جيفة الأرض وعفن التاريخ؛ تعالَ أيقظني فأنا أنتظرُك قرب الأشواك التي تتآكل.


■ ■ ■


انتقال
تنتقلُ من وجهٍ إلى وجه؛ من جيفةٍ إلى جيفة؛ وتنتقي من الظلمات شمساً؛ تنتقي كأساً؛ تنتقي رأساً؛ وترى نخيلاً تدرُّ أثداؤها وهي مقطعة الرؤوس.


■ ■ ■


الطفل المولود في القبر
امرأةٌ ميّتةٌ في القبر المفتوح تلد طفلها ناقصاً؛ الطفلُ يكبر على جيفة أمّه ويرضع ثديها الفضيّ. المرأة تجفُّ في القبر والطفلُ يكبر؛ يكبر في القبر وفي دمه يجري حليب أمّه الفضيّة.


■ ■ ■


استيقِظْ أيُّها الجميل
استيقِظْ أيُّها الجميل وقُل كلاماً جميلاً؛ أرني سماءً جميلة ونهراً أجمل. كلّمني عن ناسٍ جميلين وعن حبّ جميل؛ كلّمني عن امرأةٍ جميلةٍ إن استطعْت؛ فأنت شقائقُ النعمان ونرجسُ الوادي؛ كلّمني عن لغة أقوامٍ بائدة؛ عن كائناتٍ مجهولةٍ فكلُّ معلومٍ سيئ. استيقظْ أيُّها النائمُ، مثل الأبد، على شاطئ النهر.


* شاعر من الأهواز

المساهمون