أجيءُ من حيث يجيءُ الذهب

أجيءُ من حيث يجيءُ الذهب

04 سبتمبر 2017
(عمل لـ فريدي ألزاتي)
+ الخط -

ألونا

أجيءُ من حيث يجيءُ الذهب، أيها السادة،
وجلدي بلون الذهب ذاته.
أجيء من البحيرات، والجبال، وغلال الذرة،
الكوجر، والكوندور، والسحالب والزمرد.
عيناي ورقصاتي تشعلُ الماضي الأسْوَد:
الأذى والشرف، الأهوال والميتات.
روحي ترتعشُ للنايات والطبل الكبير،
وفي القلوب أغرقُ عميقاً،
مثل أسماك الكاشاما
في المياه العذبة لِنَهْرِ أورينوكو.
أنا لا أجيءُ، أنا موجود ألونا،
أنا فكر كوجى،
أميرال الليل،
من دكَّاتِ البحيرة
بشَعرٍ طويل وكان المِشعَلُ الصغيرُ،
ضوء الأرض الخصيبة في ليالي
رودريغو دي تريانا.

أجيء من الثروة،
أنا الثراء الأعظم
الأرض! الأرض!
تصرخُ حتى الصفير،
وتتخاصمُ حتى الموت
جيوش المستوطنين.

دموع حديثة الولادة ليوما
(اسم نهر المجدالينا، عبر جماعة ناسا)
التي ترسم طبعاً مسار طريق السُّلالة الذي هو الذهب.
أمثولات يوما تنتظرهم، مستوطنون،
دَوَّامات حارقة ستسحب رفاته.
محتقراً من قبل الشمس،
التي لم تضع لهم الذهب في مهدهم،
التي لم تضع لهم الذهب في بحيرتهم.
شعري مثل شلالات سالتو تيكينداما،
ذي الأرض الطيبة الشهمة،
لن تسمح للحرب أن تدفن الذهب،
لكي تعيشي منتصرة
وعميقة، يا ألونا.

كولومبيا!
تصرخ الدول.
والمنفيون المسافرون عبر المستعمرات
سيصرخون مرة أخرى:
"أرض الخير!
أيتها الأرض التي تنهي أحزاننا!
يا أرض الذهب! أيتها الأرض الممونة"
حين تلمحُ وهي تغمرُ
الإلدورادو
في البحيرة
تختفي أمام العيون الأهلية
وتنكشفُ أمام عيون القمر.


(ألونا: وفق معتقدات الشعب الكوجي في "أغنية الخلق" تعني الفكرة، والتفكير العميق، وجوهر الآتي، والذاكرة، الوجود ذاته الذي كانه العالم قبل خلق الكائنات التي تسكنه)


■ ■ ■


حوار بين تفاحتين

لندع أنفسنا نسقط.
حتى نلمس القعر.
فالانفصال يتأخر ما يستلزم من الزمن للنضج.
دونما انتظار هي وحدها قد صارت تتأرجح في الريح...
تجلب البذار. في كل الأحوال.
جميعها تنتهي بالسقوط... ولا أحد ستعود الريح لتؤرجحه.
سيكون محزناً أكثر أن نتشبَّثَ إلى الأبد بالوتد الذي يُمسكنا.
لذلك إذا لم تسقط، أيها الإنسان، فاقتلعها والتهمها، فهي الأكثر نضجا مما تبقى حياً.
أو في سَلَطَةِ الفواكه.
في الواقع، قد انتحرتُ من شجرة، وهذا يتطلَّبُ تملكَ بعض الحرية الجريحة، لكن مهلاً، هذه هي الحياة الكلبية: لا تمنحك شيئاً وتأخذ منكَ كلَّ شيء. تفاحاتٌ ما تزال بعْدُ طازجة.

وإذا كان لنا أن نتعفن على الأرض، فإننا نستطيع أن نكون أشجار تفاح... لكن بالانفصال عن أن نكون على الخصوص تفاحاً.
وسنكون "بالنسبة للدودِ مساراً للجولات" إلى آخره، إلى آخره. سنكون أشجارَ تفاحٍ، أشجار تفاح تنفصل عن أشجار تفاح، بِكلِّ إيماننا. ونحن نسقطُ نحو تعسُّفِ هذه الحياة.

سننفلقُ إلى اثنين أو إلى ثلاثة حينما سنسقط.
لكن البعض منفلقين وملتهمين ليموتوا في لحظة العضَّة: قضمَة من الكعكة اللذيذة التي سنكونُها.
جنباً إلى جنب مع دقيقِ العجين.

وفي الكعكة أو في السَّلَطة... أو في وجودنا ... لماذا نحنُ تفاحٌ ولسنا كمثرى أو أناناساً؟
يا لهُ مِنْ جُورٍ ... طبعا الأناناس فاكهة نادرة ... لا أثقُ في ذاك الأصفر ... وكم هو شائك. وخصوصاً بسبب تلك القنزعة الرهيبة التي تزين رأسه، تلك القنزعة الرهيبة، الجد متشامخة، والجد ممتلئة بذاتها ... ياه! فلتمضِ الفواكه للشيطان، فلتمضِ للجحيم!

تلك التي أجدها أفضل... بين الفاكهة هنا... هي الجوز الهندي.
الذي تم اختراعها في قشرتها لكي تبدو كما لو أن لها عينين وفماً، وشَعْراً
مثل القرود والدببة الخاملة... ليس ليؤكل بل لحماية النخلة.
ورغم أن الجوز الهندي عاطفيٌّ جداً
يتهَيَّبُونَه متى سقط...
ومع ذلك يجبُ أن يسقُطَ...

دعي نفسك تسقطين بفعل الجاذبية.
دعي نفسك تستهلكين مِنْ أيٍّ كان
لكي تتحد مجدداً العناصر التي تتشكلين منها
ولكي ترُجَّ الديدان بذورُكِ
في الأرض وتتمكنين مِنْ ألا تكوني تفاحة
ولكي تصيري شجرة.
دعي نفسك تسقطين معي الآن.
فالوقتُ ذهَبٌ.
وسقطتِ التفاحتان كلتاهما في أراضٍ خصبةٍ.
وانتظرت معظم الأخرياتِ أن يتمَّ قطفهنَّ،
وصارت أقداماً
بذارها سقط في سلة النفايات
ووجودها
في غياهب النسيان.
مالينا.

■ ■ ■


حوار بين حباتِ عنبٍ في عنقود

ماذا سيحدث للأجيال الجديدة؟
أتلك التي ستقودُ الثعالب؟
أم أنها ستنزف مُنسحِقة بقسوَة؟

آه! للبرميل الحياةُ!
تعبنا من استقصاء الآتي،
فلنفعل ما هو أفضل أن يتساءل الذين يشربنا
ويُغرق في حزننا جنونه.

بلية مع بلية
ذاك مزيج النبيذ،
اشربوا منه كلكم، فهذا هو جسدُنا
الذي تم سحقه من قبلكم ومن قبل جميع الناس لأجل كشف غمَّة بؤسِهِ وآلامِه!

مَن يشربُ سيَكون سعيداً،
رغم أن روحه المتفسخة تضطجعُ
على السلم الصاعِد نحو خلاص شخص ما.

نبيذ،
أتى ومضى،
نحن هنا معلقاتٌ
وناضجاتٌ
نحن قد مضى علينا الدهر.
نخبك!



* Lina Trujillo شاعرة كولومبية ولدت في مديين سنة 1994، تكتب القصيدة والهايكو، وهي أيضاً تشكيلية ومغنية في مجموعات الروك والميتال، وعازفة للكمان وللفيولنتشيلو.

** ترجمة عن الإسبانية: خالد الريسوني.

المساهمون