الناجي

الناجي

11 سبتمبر 2017
عادل السيوي/ مصر
+ الخط -

في الصباح، لم يره أحد إلا وعانقه. لم يره أحد إلا أطال النظر إليه، ثم عانقه، ثم عاد فأطال النظر إليه. لم يره أحد إلا بدت على وجهه الفرحة، ثم الشفقة، ثم التردد. الجميع أرادوا أن يقولوا له شيئا وأحجموا.

بدءا بالبوّاب، فالبقّال، فالقهوجي، فبائع الخضر على الناصية. فهم قليلا قليلا أنه كان في رحلة وظنّوا أنه مات، غرق مع من غرقوا في العبّارة، يوم فاز الفريق الوطني بالبطولة الأفريقية، لكن ها هم يرونه.

في بقية اليوم، تردَّد على أماكنه المعتادة: محطة القطار التي يشتري الجرائد الأجنبية من بائع فيها، ومحطة الترام المهجورة حيث يقرأ هذه الجرائد، والمشتل الذي على حافة النهر حيث كان ينتقي الدود في صباه. فلمَّا غابت الشمس، رجع إلى شقته، شقته التي لم يبت ليلة بعيدا عنها، منذ نجا مع من نجوا من العبَّارة الغارقة. جلس على المقعد أمام التليفزيون المفتوح منذ الصباح، ومنذ ليلة أمس، ومنذ صباح أمس، ومنذ فاز الفريق الوطني بالبطولة الأفريقية، وفعل ما يفعله منذ ذلك الحين: لا شيء.

على منضدة أمامه، قدماه، وبقايا طعام إفطاره، يشمّها السمك الملون، وينصرف عنها.

المساهمون