صوفيّا في صيفها الأوّل

صوفيّا في صيفها الأوّل

09 اغسطس 2017
شبابيك زجاجية، مارك شاغال/ روسيا
+ الخط -
صوفيّا تنزع عن البحر قبّعته المتجهّمة
التي لم يلوّح بها يوماً إلّا للبرق
تضع طوقاً من حرير الضحك في شعره السماوي الأشعث
ووردةً حمراء مكان الأنف في وجهه المفتون بالدراما المفرطة للريح
وحذاءين من نعاس في قدميه
المتعبتين من المشي على حافّة كلّ شيء
وتذكِّره بمهنته الأولى
قبل أن يتقاعد وتصبح الأرض خرِبة وخالية:
مهرّجاً في سيرك أبديّةٍ تركب درّاجة هوائيّة لتلحق بأصدقاء طفولتها.

صوفيّا تتصفّح الماء بأصابع من ماء،
نفس الأصابع التي تهدهد الجمادات الوحيدة حولها،
وتطهو الغيمات الشاردات لأفواه خلابة من مطر.

قلبها "بلاي ستيشن" بتعليمات استخدام للعبة بهيجة واحدة:
"هذه البرهة الطافية على سطح الأشياء"
كلّ تفصيل جنّة مرتجلة لا يعوزها ترتيب أو ملائكة عاطلون عن الخيال
كلّ نظرةٍ حجر في مياه راكدة
كائنات حزينة
تهجر ذواتها السجينة في البراري
والكلمات لتلهو بأسمائها الجديدة في كلّ لحظة:

هذا ليس أسداً، هذا الفرح يزأر في قلبي
هذه ليست قطّة، هذه طريقتي في إطلاق سراح أظافر ذهولي من قيلولة العالم الطويلة
هذا ليس حماراً وحشياً، هذه شكل المشاعر التي لم أسمّها بعد ولذا فهي تفرّ من
هشاشة أسناني بقسوة المنسيين وحريتهم.

لم أسأل صوفيّا عما يجول في خاطر قدميها الطريتين
وهما تشقّان طرقاً سحريّة في الماء أسلكها فقط عندما أكتب أو أحلم،
وأضيعها تماماً حال يقظتي
بيد أنها تعرف جراحي حقّ المعرفة وتنظّفها من الرمل بجسارةٍ لا أتقنها
أنا الذي أمضي إلى صيفها الأوّل كسمكٍ غمرته السعادة فسمّاها بحراً
وتصالح مع فشله في الغرق.


* شاعر من فلسطين

المساهمون