نوم محمول على عربات لا تصدر صوتاً

نوم محمول على عربات لا تصدر صوتاً

25 يوليو 2017
فاتح المدرّس / سورية
+ الخط -

مايسترو

ظهره لهم
بعصاه النزقة يسوط الوقت
يمزّق جلده
يُحدِث ثقوباً زرقاء
كي يسمح لمياه الموسيقى أن تتدفق
وعندما يشعر المايسترو أن أرواح الجمهور
تبللت تماماً
يستدير وينحني.


■ ■ ■


أغان غجرية

1
أنا التي غسلتُ سرجَ حصانكَ بخصلات شعري
سأنزوي باكيةً على حافة الصهيل ريثما تعود.

2
بشالكَ الأسود الذي نسيتَه أحاول أن أربط الريح بشالك الذي تبلل بدمعي
ألوّح لكَ أنا الجريحة التي سقطت في الخلاء
نبتتْ حول عنقي غيمة تشبه يدكَ
برفق جرّتني إلى حضن أمي.

3
الملائكة الذين ساعدوني في تنقية العدس
نفسهم مسحوا الغبار عن ثوبي
الغبار
الذي أثاره حصانك.

4
لأنك تحب الهندباء سأذهب إلى آخر البرية إلى البعيد.. البعيد
بيدي سكين وعلى وجهي ندبات الريح.

5
بفمٍ مدمّى من كثرة ما ردّدَ اسمك
أغني لك
بقلب مدمّى أهش الطيور عن آثار قدميك.

6
نحُلَ خصري كثيراً لأن يدك لم تطوّقه
يدك التي كانت ترمي الأحجار الصغيرة.. الحميمة
باتجاه جذع الشجرة اليابس
ها قد لملمتُ أحجارك كلها، بنيت منها بيوتاً صغيرة رطّبها دمعي
بيوتاً لم تهدمها يدك المعروقة من شدّة الشوق
بل الريح
الريح.. هل تعني أنك نسيت؟

7
عمّك اشترى سبعة خراف.. كبرت. ذُبحت وأنت لم تأت.
أختي خطفها الراعي الغريب. أمي تحتضر ولم تفدها حكمة جدي
مات طير أختك الملوّن. تعطّل الراديو الأزرق الصغير وأنت لم تأت
نفد الحطب.. وتجرّحتْ يداي من جلب الماء.. وبرز خطّان في جبيني
أشياء كثيرة حدثت وأنت لم تأت

وما تبقى من أزهار على ضفة الساقية لم يعد أحد ليقطفها
تعال.. الشتاء قاس هذه السنة خيامنا واهنة.. والماشية مريضة..
لم أعد أريد الخلخال ليزين قدمي. لا أريد كل هدايا المدينة
فقط.. في العاصفة المجنونة حيث الجميع منشغلون ويهمّون بالرحيل
تسلل على مهل.. امسح دمعي بكفك القوية.. قبّلْ جبيني
راضيةً أريد أن أموت.


■ ■ ■

متعبات

هل لك أمّ عجوز
تحتاج أن تساعدها في تنظيف ذكرياتها
هل لك أخت صغيرة
لتقول لها احترسي وأنت تقطعين الحياة
هل لك خالة عانس
كثيراً ما تتصل بك دون كل أبناء أخواتها
لتقرأ لك خواطرها الساذجة
والتي لسبب ما تذكرك بجرارات زراعية معطلة
هل لك صديقة كلما رأتك تحدّثك عن رجل أحبتْهُ بجنون
واختفى
رجل يشبهك تماماً
هل لك حبيبة عندما تقبّلها
تشعر أن روحك بيت مسكون بالأشباح
هل لك ابنة لن تنتهي من درس الحساب أبداً
هل لك ابنة جيران
الأغاني التي تنبعث من غرفتها
تخرّب اشتهاءك لها
هل لك زوجة تحتل بيتك
لأنك تدير لها ظهرك ليلاً في السرير
هل انتبهت أن تاءً مربوطة تنبض في حياتك
مثل قلب رجل خائف؟


■ ■ ■


في فندق

(صوتكِ)
أتعذب وأنا أتخيل الفندق
الزجاج يلمع
وقع الأسرار على البلاط
النوم محمولاً على عربات لا تصدر صوتاً
الموظفون يرتبون حياة طارئة
لنزلاء ينعسون في ذكرياتهم اللينة
السكون بديناً بخفّيه الصوفيين يعبر بين الممرات
كل شيء مصقول
الثلج على القمم
الزمن على أجنحة الطيور
الرب مفتتاً مثل القطن فوق الأشجار
أتعذّب
أتعذّب أكثر
وأنا أتخيلكِ بيدين متعبتين
تلّمين صوتك
البخار الذي أطلقه فمك
على زجاج الشباك
صوتك الذي اختفى
حياتي القادمة التي تتبخر.


* شاعر سوري مقيم في نيويورك

المساهمون