معبر

معبر

19 نوفمبر 2017
شتيغير (يمين) مع مترجمه للألمانية ماتياس غوريتز (تصوير:كارولين كاييس)
+ الخط -

هنا تغلق الدائرة.
حياة بأكملها ظللتُ أنتظر هذه اللحظة. هذه الحياة. إنني أؤكد ذلك، لأني أعرف، أنها ليست الحياة الوحيدة، بل هي مجرد حركات تسخينية قبل اللعبة الطويلة اللانهائية. إنني ألعب دوركِ، أنا امتحانك.

أعرف ذلك منذ المرة الأولى التي حلمت فيها بك. لأن هذا التحدي هو بالنسبة لكِ أمر غير ممكن. والفارق بيننا أني أعرف أنك لا تعرفين، وأننا معاً لا نتحقق في التاريخ إلا ككومبارسات. وهذه المرة أتحقق كضحية، رغم أني طبعاً لست كذلك. إنني، وبشكل لا يضاهى، أكثر برودة دم منكِ، لأنّك مجرد خروف، دفعته الظروف ليلعب دور الجلاد.

زخات مطر، ومن الخلف يظهر شكل الثكنة في الظلام. وأدركت أن الزمن قد وصل، لما رأيت إعلانهم الحرب، وقطعوا عليكم الماء والكهرباء وأغلقوا كل المخارج من الثكنة. لكن، ما الزمن في الحقيقة؟ هل الزمن مجرد جولة بين متوازيات؟

هناك، في مكان ما، وفي الوقت نفسه مع الآن، ما زلتِ تقفين في ساحة الرياضة بين البنايات السكنية وتراقبيننا. لتنظروا إلى فرجنا! والكل يضحك منك. هل تعرفين أنك اليوم أيضا جميلة كما كنت في الماضي؟ وأن قبعتك العسكرية بنجمتها الخماسية، والزي الأخضر، الذي يرتعش قليلاً، بل السلاح في يديك المرتعدتين، أن كل ذلك يناسبك كثيراً؟

أمك ستكون فخورة برؤيتك هكذا، عاقدة العزم على تنفيذ الأوامر. ممنوع مرور أيٍّ كان من هنا. لا أحد. أنا لا أحد. الأمر واضح. لكن سأعبر من هنا، سواء بجسدي أم بجسد آخر. سأكون المتنكّر، وفي الآن نفسه الجلاد والضحية. لكن الأمر واضح بالنسبة لي فقط.

أسمعك تصرخين: لا حركة أُخرى، وإلا أطلق النار. أعرف أنه في الخلف لا يوجد شيء. وعلى هذا الجانب لا شيء. أعرف ما الذي يجري في الثكنة. هل يمكنك أن تقتلي إنساناً أعزل، فقط لأن أحدهم أمرك بذلك؟ ولكن، وقبل أن تنفذي مهمتك، أخطأت مستوى اللعب. ومن الآن فصاعداً، لن نسجل أهدافاً إلا في جهنم.


* ينتمي أليش شتيغير Aleš Šteger (سلوفينيا، 1973) إلى جيل من الكتّاب الذين بدؤوا بالنشر بعد تفكك الاتحاد اليوغوسلافي. شاعر وناقد وكاتب قصة قصيرة نشر أكثر من خمسة عشر كتاباً. حينما سئل في إحدى المقابلات عن مناخات السخرية في كتابته أجاب بأن ثمة تقاليد سخرية سوداء متفردة في آداب بلدان شرق أوروبا، وهي تقاليد غالباً ما تظهر جوانب الوجود الإنسان المتناقضة. وأنه يلجأ إليها حينما يتناول مواضيع مروّعة كالحرب، وحتى يتجنب أيضاً فخاخ اللغة المؤدلجة.

** ترجمة: رشيد بوطيب

دلالات

المساهمون