تراجيديا

تراجيديا

17 نوفمبر 2017
(تصوير: روبين أبيّا)
+ الخط -

العرض

قبل التّوقيع على عقد الإيجار، أخبر صاحبُ المنزل سانشو بأن شبحاً يعيش في الشقة.
- إنه مشاغب بعض الشيء، ولكنّه ليس سيئاً – وضّح لتهدئته.
وضع سانشو توقيعه وهو يضحك في داخله، دون أن يعرف كيف أن رجلا جاداً للغاية يمكن أن يؤمن بهذه السخافات.

العقدة

هجر الضحك بعد استقراره في الشقة بقليل، حين بدأت تقع أشياء غريبة. الأضواء كانت لها إرادة خاصة بها. الأغراض كانت تغيّر مكانها حين يُدير ظهره مباشرة. الأبواب كانت تُفتح وتُغلق من تلقاء نفسها دون أن يلمسها أحد. والأدهى من ذلك، ذات صباح حين استيقظ سانشو رأى وهو مفزوع كيف أن حذاءه كان يخرج مشياً لوحده من الغرفة. بعد أن أصبح عاجزاً على تحمّل الوضع لوقت أكثر، قرّر تغيير البيت.
في تلك الليلة نفسها، وهو في السرير، حصل له شيء عجيب. أحسّ بأن جلداً لا مرئياً كان يلتصق بجلده. جلد أنعم وأطيب من جلد علاقاته الغرامية الأجدر بالذكر. مُداهَماً برفقٍ من ذلك الجسد السماوي، المحاط بلمساته دون لحم، استسلم لتشنجات كهربائية عميقة، أكثر شدّة من أي متعة اختبرها إلى غاية تلك اللحظة. هكذا اكتشف شيئين: الأول أن الشبح كان امرأة والثاني أنه لم يعد يريد تغيير المسكن.

الحل

مرّت خمس سنوات. خمس سنوات من سعادة مثالية، وضعها مؤخراً مالك المنزل في خطر بإعلانٍ مشؤوم: عقد الإيجار ينتهي في ظرف شهر ولا يفكّر في تجديده.
- أريد ترك الشقة لابني، فقد أصبح في سن مواتية ليستقلّ – قال، دون أن يشعر مسبقاً بالوزن الحقيقي لكلماته.
منذ ثلاثة أسابيع وسانشو يتبع ابن مالك المنزل. يعرف أي ساعة يخرج من البيت صباحاً، وأي طريق يسلك، وأين يعمل.
يعرف أيضاً أنه ينحرف قليلا عن طريقه في المساء ليمرّ من حديقة "الريتيرو"، في تلك الساعات التي تكون فيها مقفرةً وغارقة في الظلام.


*Rubén Abella كاتب وشاعر ومصوّر فوتوغرافي إسباني ولد في مدينة بلد الوليد عام 1967. صدرت لها عدة أعمال أدبية، من بينها: "ما كان ليكون الأمر مماثلاً دون أن تمطر" (مجموعة قصصية، 2007) "عينا السمكة (قصص قصيرة جداً، 2010)، و"كاليفورنيا" (رواية، 2015).

**ترجمة: إبراهيم اليعيشي

دلالات

المساهمون