أكثر من كل حمام العالم

أكثر من كل حمام العالم

01 أكتوبر 2017
(فرانسيسكو لاريوس)
+ الخط -

يوم القيامة

ما أجمل أن نخترع يوماً للقيامة
يقبع في عشّه الحمام
يراقب بعينيه كل ما يحدث
ككهنة متقاعدين لا يمسّهم جزع.

من بعيد تُرى المعابد منكِّسة أبراجها في خضوع،
قد سبق وعرف المؤمنون وجوه أمهاتهم،
الحذرة في كل وقت برعشة غريبة،
ترشدها رائحة الهروب،
دائمة العذوبة.

ما أجمل أن تنتهي الأمور هكذا،
أن نتمكن من غلق
كتاب
كل تلك المصائب
بخاتمة
حزينة بشكل مخيف
لكنها عادلة.


■ ■ ■

صلاة الروح المتعبة

أرغب في وقت للكتابة
لا تشوبه أقمار واهنة، ولا شموس، ولا روحانيات
تتنبأ ببداية الكسوف.

عمق من السلام بلا قاع
(تسكن النجوم القيعان)

عمق بلا نجوم.


■ ■ ■

سأوقّع العهد معه:
الشعر، أي شعر، الشعر.
وفي المقابل أحصل على السلام

إنكوبو - الشيطان، يصدّقه الجميع.
لم أتمكّن من اختيار اسمي وقت ولادتي.
ندمي الوحيد.

أقرأ أخبار اليوم:
الهدنة
بين إسرائيل وفلسطين
تُخترق
لفترة قصيرة
من أجل
المزيد
من القتل.
يبدو
أن الانفجار في تعداد القتلى
كان كافياً لليوم.
لكن ما هي
أهداف الاتفاقية؟
كم من انفجارات للموت
تتسع لهدنة؟

الحمامة الوحيدة
تحمل رسالة،
الحرب بالنسبة لها (هل كانت تصدّق هذا؟) قد انتهت.
ماتت الحمامة وماتت سنة تلو سنة
ما قد مات أكثر من كل حمام العالم

ولكن ما يعنيها حقّاً
أن بعد كل ذلك الموت
لم تفلح أبداً في فكّ
شفرة رسالتها.
اليوم وسط مناقشات الموازنة العامة طُرح السؤال
أي أمر بالقتل خرّب رحلتها؟

الإعصار مُهلك
لكن الروح البشرية لا تُقهر! والبحث
عن الحلول لا يتوقف!
الغريزة التجارية آه، بديع
الوعد الجميل بالحرية!
بينما تُخفي أكوام من البقايا
عدالة المافيا.

فلنغفر للمقاييس. إنكوبو يصدّقه الجميع. وأنا
بعد أن اطمأننت على أن كل شيء سيبقى في مكانه
وبعد تأمل طويل
يمكنني أن أُبدي الندم
على أني لم أتمكّن
من اختيار اسمي لحظة استيقاظي.
ندمي الوحيد.


■ ■ ■

همهمات زرقاء من أجل الجلّاد

إذا كانت هذه القصيدة زرقاء فليس لها ترياق
سوى أن تُغمر في الأزرق
بكاملها
إذا كانت من الجبس سأكتب
تمثالاً أو قناعاً أو مرآة
إذا كانت رعداً (غروراً) رعب مشنقة
إذا كانت حرية قلب
ليس لهذه القصيدة ترياق
سوى الجوع
لكنت حاولت أن أشعر بها كلّها في نفس اللحظة
ويعود لي الشعور كما لو كان العدم
سأراهن
جبس غرور أزرق
رعب قلب
مرآة ترياق
مشنقة قناع

سأحتفظ
بقُبلتك الأخيرة
من أجل الجلّاد.


■ ■ ■

أحلام الرمل

استيقظت اليوم في الجيزة محاطاً بالرمال
رمال ذراعيّ المشدودتين
بالوداع.
وداع الرمال
تلعب الملايين، بجوار أمي.
أمي الحَجَر ذو القاع الرملي
تعرف
أن ذراعيّ تحلّقان،
في حركة رزينة متغطرسة
العنق صوب السماء
ذات العيون الرملية.

نهار الجيزة طويل
والبكاء بعيد.
في طوله المديد تكمن الحقيقة،
بلا سبب منطقي للابتعاد،
سوى أنه في بعض النهارات
الرمال
تدفن رغبتها في الشكوى.

أعماقي سعيدة لأنه في النهاية
رمال قلبي تتنبأ
أن اللعبة التي لعبناها مع أطفالك
ستكون البهجة
التي تحلم بها في جنّتك
في اليوم الذي ستدرك فيه السماء أخيراً
قدر كبريائك.



* FRANCISCO LARIOS شاعر ومترجم من نيكاراغوا، يعيش في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يعمل أستاذاً جامعياً للاقتصاد. أصدر مجموعات شعرية عدة، وعدداً من الترجمات الشعرية بين الإسبانية والإنكليزية، كان آخرها مختارات من الشعر الأميركي المعاصر صدرت بالإسبانية في المكسيك تحت عنوان "أحفاد ويتمان".

** ترجمة عن الإسبانية: محمد ممدوح

المساهمون