سيّدٌ بقبّعة يدق بابي

سيّدٌ بقبّعة يدق بابي

20 يناير 2017
(صفوان دحول/ سورية)
+ الخط -

(مدينة)

عرّجتَ عليها فجراً والناس قيام
فركضت تريد تحاضنها شخصاً شخصا
وتلفّت قلبك من ولعٍ، وتلفّت من أوهام
حتى حسبتك الشرطةُ في الآخِر لصّا!


(..)

يداك يدا فانٍ وأنت فريسةٌ
لماذا إذن تتشهّى الفرائس؟
كفى أيها الكهل إنّ نهاركَ
منسحبٌ، والليلُ آتٍ وحابِس


(..)

تتغلغل أيامُك فيكَ
لياليكَ
ينوءُ الكتفان
تقاوم؟ ما جدوى
والعمر ينطُّ على قدمَي سعدان!


(..)

أن تشرق الشمس
يَقْصُر ليليْ الطويل
وتعودين من تربةٍ أكلتكِ
بارئةً من أسىً، والأسى لا يحول
أن يحدث المستحيلُ كذا فجأةً
.. يحدث المستحيل!


(..)

ربّاهُ لو أئنُّ مثل ناي
لو أنوح ككمان العازف الذبيح
والسيّاحُ تمضي عنه لا تأبَهْ
رباه إنّ الشعْر الذي وهبتني شحيح
واللغةُ العجفاءُ والنحوُ
يمنعانِ أن تندلعَ النيرانُ في الحَطَبَهْ!


(..)

أنا المؤقتُ
كيف لي
أن أدعس الظلّة
أن أُكمُل الجُملة
ولا تخونني رِجلٌ ولا قلم؟
ومن أنا كي أنتج الرموز؟
لا، إنّ هذا لا يجوز
لا..
إنّ هذا قمة الألم!


(جناح)

قابل للتفسّخ
يا جناح الكناري
قابلٌ، في دياري وغير دياري
فانتبه .. من هواءٍ مُجلَّخ
انتبه كلّ فرْسَخ!


(خبيز)

خبزت وجمّعت خبزك
تلٌ من الأرغفة
تلٌّ .. كأنّ "البواقيْ" أبد!
إنها ثقة يا عزيزيَ في غير مطرحها
وهيَ مهما تكن
ثقةٌ تستثير الأسى لا الحسد!


(س. ج)

ـ سئمتَ مِمْ؟
ـ سئمتُ من معنى الألم
ومن أولئك الذين يوغلون في مديحه
كأنما هو الترياق بعد سُم!
ـ لِمْ؟
ـ لأنه وغبّما يجىء
يقتل المعاني كلها
مُساوياً ما بين رأسٍ وقدم!


(تحليق)

زعقتِ في العَتَمة
بومةٌ
ثم انخفضتِ: لا نأمة
مألومةً
والآنَ، كم يحلّقُ القاموس!


(كابوس)

السلحفاة في زاوية المطبخ، والسماء
تلمع قطعةٌ منها على أديم النافذة.
وطقم الشاي في الخزانة،
عالقٌ على حوافهِ الغبار.
والسكّر والفلفلُ والكمّون، في أكياسها
النيلون، تبدو وعوداً
أولَ النهار.
لكنك اليومَ، وقد حصدتَ في
الفراش، ما لم تزرع
خِلْوٌ من الحياة مثل بلقع!


(..)

عَرقٌ على النهدين
فيما الجسم مكشوفٌ خلا البرعم
يا برشلونة عند البحر
لا تَخففي
إني أتيت إليكِ من مأتم!


(..)

إلى حين صبحٍ
يجيىء
سأبقى "المغفّل" في
عينهم
والمخبّلَ: قطٌّ يلصُّ عشاه
يسرقون وأنظر
يسرقون وأغفر
يسخرون، وأمضي، وتمضي الحياه
إلى حين صبح الحياة البرىء!


(..)

سيّدٌ بقبّعة
يدق بابي في أرباض برشلونة
سيد ما إن يروح
حتى يروح أجملي معه
حتى تعود الروحُ في أعقابه
لحالها:
مغبرّةً
في رفّها على الخزانة!


(..)

في هواء الجبال المعقم
عظْمتانِ وجرو
شاعر يرتقي السفحَ
ربما من هنالك يفهم
ربما .. يتقن المحو


(أطلال)

مررت بها وهي هاجعةٌ مثل أيْل
ذكرياتُ الصحاب
تشرّبها باردُ الليل
إنها الآن مقفلة القلب والبابْ
والرياح تحوّم
وقفت على بابها وانتظرتُ
فلم ألقَ مغنم!


(؟؟)

الشجرة
كم تحتاج لتعطي أولَ ثمرة؟
والفحْمْ
كم يحتاج ليخرُجَ ألماس؟
وأنت على مثوى الصمتِ
على مجرى الدمْ
لتكتبَ ما تلقطُ من أفواه الناس!


(غياب)

لعلّهم شفّوا على حوافّ فجرها البحريّ
لعلّ صُلْبهم تندّى
لما أتاهم الصدى من خلف ذي التلال
لعلهم تمدّدوا على الرمال
هوّموا وثقُلت أنفاسُهم
لعلّهم تمادوا
لذا
نسوا ولم يعودوا!

* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون