أيتها المصادفات

أيتها المصادفات

15 يناير 2017
خالد التكريتي/ سورية
+ الخط -

كان اثنان على الشاطئ

كان اثنان على الشاطئ يغسلانِ جمجمة تمزّقت برصاصةٍ أخيرة؛ وهي تنزف. حمل الاثنان الجمجمة وذهبا. تعقبتُهما إلى أن دخلا في كهف ضيّق. وجدتُ هناك امرأة تلقي بالحطب في تنور وكان فيه زوجها الجميل يصلى مثل كوز. ألقى الاثنان بالجمجمة في التنور وحين لمحانني أخذا يصرخانِ عليَّ عد إلى خارج الكهف. فخرجتُ من الكهف عائدًا إلى أهلي.


مائدة في الظلمات

نساء ورجالٌ جالسون حول مائدة في غرفةٍ مظلمة ويأكلون أطعمة فاسدة؛ فخرجتُ من الغرفة إلى غرفةٍ أخرى كان فيها اثنان يكتبان في دفتريهما أسماء ويرسمان: رؤوسًا بلا أبدان وأجنحة لها عيون. تجاوزتهما ودخلت إلى غرفة أخرى؛ رأيتُ فيها رجلاً يمسك بآنية ماء؛ وينظرُ فيها؛ وحين دعاني أن اقترب إليه اقتربتُ وقال انظرْ فنظرتُ ورأيتُ في الماء صورتي؛ قال لي هذه صورتي.


أيتُّها المصادفات

سأحتفلُ بكِ أيتها المصادفات؛ سأسمعُ الخبر الجديد منك يومًا ما؛ ووحدكِ أنتِ تأتين بأخبارٍ لا يفهمها أحدٌ سواي؛ أخبار عن ماهية الأشياء وعن باطن الأرض؛ وعن سرَّ سأحتفظ به. أيتها المصادفات يا ملائكتي السابحة؛ يا ذات الأعراف الطويلة؛ يا من تهزهزين شجرة النبق لأطفالٍ ميتين؛ يا ملقيات السرور في قلبٍ محطَّم؛ سأحتفل بكِ يومًا ما ونتناول أخبارًا لم يكن يفهمها أحدٌ سواي.



لا شيء في خارجي

لا شيء في خارجي؛ فكلُّ المعارك تبدأ فيَّ وتنتهي؛ والحبُّ أيضًا وصورة من أحبّ ومن لا أحبّ؛ كلُّها فيَّ ولا شيء في خارجي. كلُّ هذا يحدث عن سوء فهمٍ في كلماتي وما اللغة إلا صنعُ كائنٍ اضطرَّ على تسمية ما يجهل. لا شيء في خارجي؛ خيالي رحمي ولا امرأةٌ هناك أنتمي إليها ولا أيامٌ سبعة ولا أزمنةٌ ثلاثة؛ ولا شيء في خارجي غير أني ورثتُ خوفَ أمّي من المستحيل.



يجب أن

يجب أن أغيرَ دمي؛ أو أكسر جمجمتي التي لم أعرها أحدًا وأخرج كلَّ شيء؛ ولكنني أعرف في نفس الوقت أنَّ هناك شخصًا مثلي في حجابٍ يديرني؛ أروح على رواحه وآتي على مجيئه؛ أنام في الساعة التي يقرر؛ وأسافـر في الوقت الذي يريد؛ أسافر؟ أين أسافر وجيوبي تشمُّ الهواء كيفما تشاء. يجب أن أفعل شيئًا. ألم أفعل؟ فعلت الكثير وحصدتُ كلماتٍ لا تريد أن تكون لها صورة واحدة.



لا تيأس

لا تيأسْ. كن على ثقةٍ من فعل الزمان ومن دوران الأرض؛ فلا شيء يضيعُ في هذا الوجود. ما ضاع منك سيتحولُ إلى شيء ما. سيكون طابة يلعبُ بها النهارُ والليل أو نبعًا تحت أقدام طفلٍ أو أشواكًا في ثياب راعيةٍ جميلة. لا تيأسْ. افعلْ ما في وسعك وانظرْ ماذا يرجِعُ إليك هدهدُ العالم. قصقصْ أغصانَك الكثيفة أو كلّمْ أشياءك المحببة إليك أو اتركْ خيول الله تشربُ من روحك.

* شاعر ومترجم من مواليد الأهواز عام 1983

المساهمون