في طوربيد تينيسي وليامز

في طوربيد تينيسي وليامز

24 سبتمبر 2016
"صباح ضبابي"، كالين مولودوفان
+ الخط -

طار سبعة أشخاص، قُتلوا وأنا أنظر إلى السماء، برصاص الأسلحة المضادّة للطيران. أوه، الأحلام التي أراها وأنا في طوربيد تينيسي وليامز، كلّها فوضى في فوضى. البارحة كنت في غرفة رثّة وعلى الجدار تقويم بتاريخ 1916، بعض الكعك على الطاولة الصغيرة، هناك أيضاً شجرة زينة بلاستيكية. عجوز مقلوبة على بطنها كصرصور تجذف بذراعيها.

***

في البار لم أتحدّث إلى أحد. أنا هنا، وأحاول التغلّب على عدوّ قديم بطرق قديمة أيضاً. أتيت لأن "الشاور" الذي أخذته لم ينفع، حتى بعد أن لففت نفسي كيرقة بالمنشفة الخضراء وتابعت خمسة مسلسلات ورا بعض. حتى بعد أن سافرت من بلد إلى بلد. حتى بعد أن دخلت آلة الزمن وعدت من المستقبل إلى ماضيّ العزيز. أحاول التغلّب على عدو قديم بطرق قديمة أيضاً، لا أكتب عنه، لا أصفه لأحد ولا حتى لنفسي. أنا حتى لا أعرف شكله ولم أقابله في حياتي.

***

قرأت عن امرأة تعيش مع قطط في منزل محاط بالكثبان. وفي إحدى الليالي الباردة كان صوت الريح وحركة الرمال يذكّران المرأة بابنها الميت، ربما بسبب الصوت، ربما البرد، لا أعرف. قرفصت المرأة، اهتزت قليلاً مكانها، ثم مشت على أربع مثل كلبة وافترست قططها. هذه قصّة مناسبة جدّاً للحديث عن "الكلبات"؛ الأفعال التي مزجنا فيها العنف بالكآبة لتهشيم العزلة، كأن نبتلع من نحب. بهذه الطريقة نضمن أنهم لن يذهبوا إلى أي مكان، وأننا سنكون ذاتنا وحسب إلى أن نموت. أفكّر أيضاً بالحدود: كيف يمكنني أن أكون منفصلة دون أن أكون منعزلة؟ وإذا كان الحب هو الغراء الذي يلصق ذاتاً بأخرى، فهل ينافسني هذا الارتباط على ذاتي؟ وكيف أحب من دون أن أتحوّل إلى طاغية؟ وكيف لا أحب من دون أن أتحوّل إلى كلبة؟

***

عادات الناس الوحيدين تكون بسيطة أول الأمر، ثم تتعقّد شيئاً فشيئاً، يأخذون فكرة صغيرة، فكرة مسكينة عابرة مثل نملة تمر من المطبخ، وينكّلون بها، يقطعون الطريق عليها وغالباً ما يقتلونها في الأخير. عادات الناس الوحيدين سيئة بالعموم، إنهم يتسلّون بكائنات أضعف منهم، يحرقون جندباً فرحاناً بالكبريت، يأسرون ذبابة تحت كأس شاي. كان أحدهم كلّما دخل عليّ في غير موعد وجدني أفعل الشيء نفسه، بطريقة مختلفة كل مرة، إما أنني أصف الصحون ببطء، أو أرتّب أشجار الجبل من خلف الشبّاك؛ فأنقلها بعينيّ، الطويلة في الخلف والقصيرة من الأمام، أو أمرّر نظراتي، لدى القراءة، بخطّ أفقي مستقيم وعميق ومسنون، من أول السطر إلى آخره. كنت كأنني أمزّق كتابي بعيني، لم أكن قارئة، كنت تلّافة ورق. أحدهم كتب تقريراً: ليس لها عادات سيئة وهي وحدها. ليس صحيحاً.. لو تُركت لخرّبت عالماً بكامله.

دلالات

المساهمون