شحرور في سيوتاديّا

شحرور في سيوتاديّا

07 يونيو 2016
"لحظة أبدية تطير من التاريخ"، منى باسيلي صحناوي (2012)
+ الخط -
 

مغنّي الريح
شحرورٌ في سيوتاديّا: مغنّي الريح يقلب قبّعته السوداء والمتنزّهون يلقون بقطعهم المعدنية.

حوار طويل في بار
.. وأول مرة تخرج من بلدك؟
نعم.
بردونَه، كم عمرك الآن؟
قلت لك 52، 52.
عجيب!
ثمة الأعجب.
الأعجب؟
أسمع الأنين نفسه في جميع الأرض يا سنيور.

روائي فاشل
يقتل جميع أبطاله. الموتُ حتى في برشلونة، روائيٌّ فاشل.

إلى الداخل
برشلونة الصغيرة قارّة على من قدِمَ من غزة التي بحجم قنفذ. وأنت، بعدما غادرت البلد التي لها حجم قنفذ، صرت تستيقظ في أعمّ الليالي، فتجد أشواكك موجّهة إلى الداخل.

انتظار
يجلس الشبح وينتظر: متى ينبثق برعمٌ من قدم التمثال؟

طلَب
أنا ماروخا أقول لك: حنان كلب على جرائه. لا أطلب منك أكثر.. يا رب.

زوجان
اذهبي للجحيم. وذهبت هي للنوم، وبقي هو ينتظر.

كسل
أرتور ماس مُنضوٍ داخل جِلْده، والعالم منضوٍ داخل نطاقه الأرضي. هذه هي كل الحياة! البعض يعتبرها ملحمة، والآخر يعتبرها رواية. ولأنّ أرتور أقل أنانية وأكثر كسلاً، فهو يعتبرها: قصة قصيرة جداً بحاجة إلى تنقيح.

سهرة
وما هذه أيضاً يا سُنيوريتا؟ إنها حالنا يا سنيور: نساء يجلسن على قرن فلفل، وأخريات على عمود من ذهب.

طوفان
رجل المال خرج من عرينه، وقبل أن يركب الطائرة، بصَقْ.
الأكاديميّون غرقوا في الطوفان.

شبح
قال صديقه وهما في ذيل المظاهرة الصغيرة في أول شارع فِرّان:
ـ السوفييت هم مَن قتلوا ماركس.
قال لصديقه وقد وصلوا ساحة جاوما:
ـ ونحن، مَن رأى شبحه يخيّم على ديارنا.

خريف
بيخونيا مبسوطة: ستتقاعد بعد شهرين، كعاملة تنظيف، وتحصل على 750 يورو راتباً أبديّاً.
بيخونيا مبسوطة: فطبيب التلفزيون قال إن متوسط عمر أمثالها في البلد هو 86 سنة.
بيخونيا مبسوطة: لديها 21 سنة، لترتاح وتحيا كما ترغب.

ربو
ـ بماذا تحلم لإسبانيا؟
سأله المذيعُ على الشاطئ.
مسحَ بنظره طاقمَ التصوير والبُرجيْن والعابِرين الذين فقدوا حسّهم الفضولي، وأراد أن يتأكّد:
ـ أنا؟
أنزلَ المذيعُ رأسه.
ـ بمزيدٍ من الهواء.

فرانسيسك غارّيغا
لا ندم ولا ثناء. فقط رجفة الشجن، آنَ تغلق بابَ المرة الأخيرة، وتمضي.

لقاء
كانت لديه قناعة، أنه لو رآه في الحلم، فسيكون قد رآه في الحقيقة.
قبل أربعين سنة بالضبط، التقاه لأول مرة في مكتبة الأتينيو بشارع كانودا.
مضت الآن 14620 ليلة، وعشرات آلاف الأحلام.
انحنى الظهر، واستقامت خيبات كثيرة،
وما يزال يحلم بلقاء هيراقليطس.

ليل
لما بلغت الثانية نزلتُ. في رأسي مطلب وحيد: الليل. وبما أن المدينة مضاءة جيداً، كيف سأجد مطلبي؟ ليس غير سيوتاديّا.
أعود من الشاطئ، وأقفز من فتحة السور، وأدخل.
أختار النخلة، وأتمدّد على العشب تحتها وأسترخي. أمرّغ وجهي في الأوراق القصيرة البليلة.
وأستنشق.
أنقلب على ظهري وأرى النجوم بعيدة وغائرة.
وأستنشق.
ها هو ليلكَ الوحيد الذي يستحق اسمه. أُنصت لرفرفة قريبة ويعبرني
طائرٌ قاتم.
هذا هو..
وأرحل في طراوة الندى والشجن.

المساهمون