في أبريل غيرك في مايو

في أبريل غيرك في مايو

19 نوفمبر 2016
كيمبرلي كالاس/ الولايات المتحدة
+ الخط -

أنت في أبريل، غيرُك في مايو. في الصباح، غيرُك في المساء. قبل السيروم، غيرُك بعده. فكيف تكون "أبديتك" يا باسكوال؟ تلك الباتت على مقربة .. على مرأى، أيها الأرمل.

الغامضة. كم يُذكّرك بياضُ الحكيمات في مشفى دل مار بها! وكيف ستكون يعني؟ جديدة تماماً على أمثالك، ممّن يبجّلون الكتب؟ شدّ ما قرأتَ عنها وشدّ ما أحسست بالمكتوب. كلا، هؤلاء الشعراء لا يكذّبون ولا يلفّقون. كلا نيرودا لا يُلفّق، ولا بيثنتي ألكسندري يكذب. أنت أيضاً، تيسّر لك عيش هذه اللحظات الخاطفة كبرق. مرة شعرت بها وأنت داخل أدريانا، عندما استرخيت فوقها بطلبها. مرة وأنت في ترين الأنفاق، من برشلونة لجيرونا. كنت واقفاً متكئاً على العمود، وحولك عمال تشيليّون وطفلان بديعان. مرة وأنت تتغوّط في الحمّام نهاراً وقد أرخيت الستائر.

لكن هناك .. من يعرف ما يدور هناك؟

لا غرو أنها ستكون أبدية غير المتاح لنا من أبدية الأرض. ربما ستكون أطول وقتاً وأغور نشوة. فحامل الصليب سيعوّضنا عن كل ألمنا الذي ألحقته بنا حكوماتُ الفاشية والرأسمالية. مع ذلك، ما زال غموضها، يعذّبك يا باسكوال. صحيح أنه بعد السيروم خفّ، إنما خفّ مؤقتاً بفعل الفيتامينات الجيدة. خفّ وسيعود ليلاً حالَ عودتك لـ 18 كارّيه نابولس.

لو يعطونك في السيروم بعض نبيذ جيرونا؟ لو يعطونك الآن؟ لكنت تستلذّ. كنت تغفو غفوة حيٍّ لا ميّت. لكانت الطبيبات أجمل وأكثر فتنة مما هنّ عليه، في لحظة الغسق هذه .. والعائدون من نزهة البحر، ينفضون التراب عن ملابسهم وصنادلهم، فيما سيارات الإسعاف تطلق جئيرَها المنفّر، فاغرةً حنَكَها عن ضيوف الأبدية الجدد.

إنها الحياة يا عزيزي: جيل يسلّم الراية لمن بعده ويرحل. جيلا وراء جيل وراء جيل. لكنك لم تسلّم الراية لأحد، لعطلٍ ما في أدريانا الطيبة. أدريانا التي كانت تنتظرك كعادتها حين كنت ترجع من مصنع السيارات: متألقة، مستبشرة، كاملة الأوصاف.

هل ستنتظرك هناك أيضاً يا باسكوال؟

هل ستنتظرك متألقة مستبشرة كاملة الأوصاف؟ كلما زرت قبرها، فقدت الأمل في حلمٍ كهذا. لأن شمس برشلونة في آب كفيلة - بتعامدها على رخامة القبر – أن تمتصّ كل نُسغٍ فيك يا عزيزتي أدريانا.

كل نسغ! فكيف ستتألّقين وتستبشرين بعد ملايين الآبات؟ يبدو أن مفعول الفيتامين انتهى يا باسكوال، وإلا فبحق المسيح، ما هذه الهلاوس؟ يا باتريشيا، أين أنت أيتها الممرضة؟ باتريشيا، أنتِ أين؟ هذه الكهلة المدريدية لا شك تسحّبت لتدخن. تعرف لكنك تريد المزيد من السيروم، فقط كيلا تدخل في الهلاوس. كيلا تفقد الأمل بانتظار أدريانا لك هناك. وكيما تعيش أبديات نيرودا وبيثنتي الوجيزة على نحو أوسع وأمتع. أنت يا من تكون في أبريل، غيرك في مايو. في الصباح، غيرك في المساء، قبل السيروم.. إلخ إلخ.

المساهمون