الحصان وشامبو سنان

الحصان وشامبو سنان

15 نوفمبر 2016
"وفرة" لـ بول كلي، 1939
+ الخط -

خالي ياسر، كان خبيراً في الأحصنة، في مدينة تل كوجر - اليعربية، وتدارُ الكثير من الأساطير حوله في مسألة ترويض الأحصنة (المدينةُ لها اسمان، و"الصراع" بين الأكراد والعرب شغَّال على التسمية كالعادة).

المدينة ترابيّة ومبنيّة على عجلٍ، وهي آخر تجمُّع سَكني على الحدود السوريَّة العراقيَّة، وهي نقطة حدودية، وتقريباً لا علاقة لها بسورية، وبعض سكّانها لم يخرجوا في حياتهم من محافظة الجزيرة، ومرتبطون بالحدث العراقي سياسيَّاً ونفسيّاً أكثر بكثير من ارتباطهم بالحدث الداخلي السوري. وهنالك شيء غامض في المدينة، وهو أنّ الأطفال حتّى سن السادسة عراة دوماً على مدار الأربع والعشرين ساعة.

المهم، في يوم من الأيام، تم استدعاء ياسر من قبل عشيرة معيّنة بسبب وجود حصان مُغمَى عليه، وقد فشلت جميع التجارب في محاولة فهم قصَّته.

ياسر لا يستطيع الركض بسبب الكلابيّة. ذهب بهدوء، ووصل إلى مكان الحادثة. الحصان مُلقى على الأرض مثل جثّة، وصدرهُ يعلو وينخفض من التنفّس، وفمه مفتوح ويُخْرِج بعض الرغوة، ثمّة طبيبٌ بيطري وحيد مع الجماعة أبدى عجزه.

اقترب ياسر من الحصان، وفحص حوافره، نظر نظرة إلى الجموع، وطلب صابون زيت غار بلدي، مع شامبو "سنان" حصراً، وهي أمور تستخدم في الاستحمام العادي للأطفال في سورية ("سنان" شامبو مضاد للقمل، يعتمد على تقنية بوتين بحرق الأخضر واليابس في الشعر، مسؤول عن صلع قسم لا بأس من الشعب السوري، كانت تنتجه وزارة الصحة في سورية، يتم الترويج له كثيراً، وهو تقريباً من أولى الأسلحة الكيماوية التي أنتجها نظام الأسد واستخدمها ضد الشعب السوري).

جاءت الأغراض، شامبو "سنان" وصابون زيت الغار البلدي. اقترب ياسر من الحصان، قسَّم قطعة صابون زيت الغار إلى قطعتين، ووضع كل قطعة في فتحة أنف، وأفرغ سائل شامبو "سنان" في منخاري المخلوق.

ارتعشَ الحصان وارتعدت أوصاله، احمرَّ وجهه وتوسَّعت حدقته، تصلّب شعر جسمه، وصار أشبه بتنّين ياباني. نطّ من الأرض نطّة رجلٍ واحد لاعناً اللحظة التي قرّر فيها الإغماء، انطلق كالصقر، كالسهم المنبثق للتو، كحصان "البراق".

ثوان وكان الحصان مختفياً عن الساحة، والغبار يعلو المكان. أشعل ياسر سيجارة وقال: "غالباً صار بالعراق".

دلالات

المساهمون