قرضت طناً من الورق

قرضت طناً من الورق

25 أكتوبر 2016
من أعمال قصّاب باشي
+ الخط -

الورقة البيضاء كالقماشة تحد كبير، ويبدو أن الإنسان كلما تقدّم في العمر يشعر أنه أضعف في مواجهة هذا التحدي. الآن أعيش هذه الحالة، إذ بعد سنوات متواصلة من التحضير، وبعد أن قرضت مثل فأر طناً من الورق، وبعد أن استعدت كماً هائلاً من الذكريات، أشعر أنني أضعف.

***

أفكّر في موضوع القشرة الظاهرة على سطح اللوحة، أو لنقل البشرة.. لماذا تختلف بين فنان وآخر.. ما أقصده هو مشكلة لماذا وارتباطها بذات الفنان ونفسيته، ومسألة حياد الفنان في عمله وابتعاد نفسه وقصّته الحياتية أو التحام القصة بتلك البشرة والقشرة وإعطاء لك قراءة مع مدلول معيّن خاص يبتعد عن الحيادية ويقترب منذ صراخ الذات وزفرات النفس وأفراحها وندوب الأيام.

***

إن مرسمي جميل وهو يشبة صومعةً ومحراباً يشعّ بالنور الأعلى، وهو مثل فراش الحبيبة في يوم اللقاء الأول يلامس حبّات النور... ومسيرة الألوان وتياهِها في أخاديد المادة حتى تلتقي من جديد مع نجوم الضوء وصراخه ليصمت في مساحةٍ جديدةٍ وإيقاع مجيب.

***

إن أسوأ الممثلين على مسرح الحياة هم الناس.. يقولون ويتبجّحون بأشياء لا تعادل حقيقة موت دودة في دورات الأرض ثم يذهبون إلى الفراش الخاوي مع أحلام لا تعادل انقراض الدودة في مخابئ التراب لتحيا الأرض من جديد.. ليحيا الدود فوق انحطاط البشر وضحالة الأيام.


* من رسائل مروان قصّاب باشي إلى عبد الرحمن منيف المنشورة في كتاب بعنوان "في أدب الصداقة".



دلالات

المساهمون