وثيقتان سريتان

وثيقتان سريتان

16 اغسطس 2015
منى حاطوم/ فلسطين
+ الخط -

كانت المقاعد نادرة، وكان أحدهم إن أراد الجلوس مرتفعاً عن الأرض يسحب صندوقاً أو سطلاً يقلبه ويجلس عليه، أو ربما يقفز إلى غصن شجرة أو تكون هناك "دكّة" على طرف البيت أو حتى يقتعد العتبة.

وكان الكرسي يُجلب إلى البيت في حالات استثنائية ليجلس عليه شخص مريض، أو كبير العائلة. وكانت البيوت التي تريد الإعلان عن تحضّرها تبدأ بشراء "طقم كنبايات"، وعادة ما يكون بين أفرادها شخص تعلّم حديثاً، أو شاب تزوّج ابنة مدينة، ستنسيه "الطراحة" وتنقله بارتفاع طفيف عن الأرض، إلى درجة أعلى من أقاربه.

الكرسي يمكن أن يكون وثيقة أيضاً، خذ مثلاً الكراسي التي كان يصنعها "العبيد" في القرن التاسع لتخفيف آلام روماتيزم أسيادهم. إنه عقد علاقة السيد بالعبد. تعبُ الأخير لراحة الأول. كيف تنحَت زاوية الظهر، ارتفاع الساعدين، حفرتين صغيرتين لراحة المرفقين.

المرآة وثيقة أخرى، منذ المرايا أصبح الناس أجمل، بل إن هناك إحصائية طريفة تقول إن الفرنسيين مثلاً صاروا أطول بعد قرن من وصول المرآة. المرآة أيضاً لم تكن شيئاً متاحاً، لذلك كان مألوفاً أن ترى شخصاً أدرد يضحك بملء شدقيه دون أن يشكّل له هذا الكثير من الحرج.

المرآة والدة الحرج. تلك التي حين ظهرت كانت تُحمل في السفن كشيء رقيق وثمين، وتصل لبيوت أرستقراطية لتوضع في أكثر الأماكن حميمية فيها.

المرآة على الجدار يقابلها الكرسي، في بيتنا شاهدان علينا.

دلالات

المساهمون