حقول قشتالة

حقول قشتالة

10 ديسمبر 2015
(ماشادو في بورتريه لـ ديلغادو)
+ الخط -

XV
غَنُّوا مَعِي فِي جَوْقَةٍ: الْمَعْرِفَةُ، لا شَيْءَ نَعْرِفُهُ،
مِنْ بَحْرٍ سِرِّيٍّ أتَيْنَا، وَإلَى بَحْرٍ مَجْهُولٍ سَنَمْضِي...
وَبَيْنَ السِّرَّيْنِ يَصِيرُ اللُّغْزُ فَادِحاً،
ثَلاثُ خَزَائِنَ يُغْلِقُهَا مِفْتَاحٌ مَجْهُولٌ.
النُّورُ لا يُضِيءُ شَيْئاً وَالْحَكِيمُ لا يُعَلِّمُ شَيْئاً.
مَاذَا تَقُولُ الكلمَة؟ هَلِ الْمَاءُ مَاءُ الصَّخْرَةِ؟


XVI
الإنْسَانُ بِطَبْعِهِ مِثْلَ الْبَهِيمَةِ المُتَنَاقِضَةِ،
حَيَوَانٌ سَخِيفٌ يَحْتَاجُ إلَى مَنْطِقٍ،
خَلَقَ مِنْ عَدَمٍ عَالَماً وَلمَّا انْتَهَى مِنْ عَمَلِهِ
"قالَ لِنَفْسِهِ هَا أنَذَا كَامِنٌ فِي السِّرِّ وَكُلُّ شَيْءٍ عَدَمٌ"


IXVI
الإنْسَانُ ثَرِيٌّ فَقَطْ فِي نِفَاقِهِ
لِكَيْ يُمَارِسَ الْخِدَاعَ يَثِقُ فِي عَشرَةِ ألْفِ قِنَاعٍ،
مِنَ الْمِفْتَاحِ الْمُضَاعَفِ الَّذِي يَحْرُسُ بِهِ بَيْتَهُ
يَصْنَعُ لِلْغُرَبَاءِ فَاتِحَةَ أقْفَالِ اللُّصُوصِ.


IIXVI
أوَّاهُ، لمَّا كُنْتُ صَبِيّاً
كُنْتُ أحْلُمُ بِأبْطَالِ الإلْيَاذَةِ!
أيَاكْسُ كَانَ أقْوَى مِنْ دْيُومِيدِيسَ
وَهِكْتُورُ أقْوَى مِنْ أيَاكْسَ
وَأخِيلُ الأقْوَى عَلَى الإطْلاقِ لأنَّهُ
قَدْ كَانَ أقْوَى... بَرَاءَاتٌ الصِّبَا!
أوَّاهُ، لمَّا كُنْتُ صَبِيّاً
كُنْتُ أحْلُمُ بِأبْطَالِ الإلْيَاذَةِ!


XIX
كَسَّارَةُ الْجَوْزِ الْفَارِغِ،
كُولُونُ ذُو الأبَاطِيلِ الْمِائَةِ
يَعِيشُ مِنْ خُدَعٍ
يَبِيعُهَا كَحَقَائِقَ.


IXX
بِالأمْسِ حَلَمْتُ أنِّي كُنْتُ أرَى
الرَّبَّ وَأنَّ الرَّبَّ كَانَ يُكَلِّمُنِي
وَحَلَمْتُ أنَّ الرَّبَّ كَانَ يَسْتَمِعُ إلَيَّ...
وَبَعْدَئِذٍ حَلَمْتُ أنِّي كُنْتُ أحْلُمُ.


IIXX
أشْيَاءٌ تَتَعَلَّقُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،
غَرَامِيَّاتُ البَارِحَةِ،
أكَادُ ألْفِيهَا مَنْسِيَّةً
لوْ أنَّهَا وُجِدَتْ يَوْماً مَا.


IIIXX
لا تَسْتَغْرِبُوا، أيُّهَا الأصْدِقَاءُ الْعِذَابُ،
أنْ تَكُونَ جَبْهَتِي مُتَجَعِّدَةً
أنَا أحْيَا فِي سَلَامٍ مَعَ النَّاسِ
وَفِي حَرْبٍ مَعَ أحْشَائِي.


XXIV
مِنْ عَشْرَةِ رُؤُوسٍ، تِسْعَةٌ
تَسْتَجْدِي وَرَأسٌ وَاحِدٌ يُفَكِّرُ.
لا تَسْتَغْرِبُوا أبَداً أنْ يَكْسِرَ فَظٌّ
قَرْنَهُ وَهُوَ يُصَارِعُ مِنْ أجْلِ فِكْرَةٍ.


VXX
يَسْتَخْرِجُ النَّحْلُ العَسَلَ
مِنَ الأزْهَارِ وَالْعَنادِلُ
ألحَانَ الحُبِّ،
دَانْتِي وَأنَا – مَعْذِرَةً أيُّهَا السَّادَةُ –
نُقَايِضُ – مَعْذِرَةً لُوسِيَّا –
الْحُبَّ بِعِلْمِ اللاهُوتِ.


IVXX
ضَعُوا فِي الْحُقُولِ
فَحَّاماً وَحَكِيماً وَشَاعِراً.
سَتَرَوْنَ كَيْفَ سَيَذْهَلُ الشَّاعِرُ وَيَصْمُتُ
كَيْفَ سَيَنْظُرُ الْحَكِيمُ وَيُفَكِّرُ...
وَمِنَ الْمُؤَكَّدِ أنَّ الْفَحَّامَ سَيَبْحَثُ
عَنِ التُّوتِ وَالْفِطْرِ.
خُذُوهُمْ إلَى الْمَسْرَحِ،
وَحْدَهُ الْفَحَّامُ لا يَتَثَاءَبُ.
مَنْ يُفَضِّلُ الأشْيَاءَ الْحَيَّةَ عَلَى الْمَرْسُومِ
هُوَ الإنْسَانُ الَّذِي يُفَكِّرُ، يُغَنِّي أوْ يَحْلُمُ.
الفَحَّامُ رَأْسُهُ
مَلِيءٌ بِالتَّخَيُّلاتِ.


IIVXX
أيْنَ تَكْمُنُ فَائِدَةُ
فَوَائِدِنَا؟
فَلْنَعُدْ إلَى الْحَقِيقَةِ:
بَاطِلِ الأبَاطِيلِ.


IIIVXX
كُلُّ إنْسَانٍ لَهُ مَعْرَكَتَانِ
يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَخُوضَهُمَا:
فِي الْحُلْمِ يُصَارِعُ الإلَهَ
وَيَقِظاً يُصَارِعُ الْبَحْرَ.


XIXX
أيُّهَا السَّائِرُ، آثَارُكَ
هِيَ الطَّرِيقُ، وَلا شَيْءَ أكْثَرَ،
أيُّهَا السَّائِرُ، ليْسَ ثَمَّةَ طَرِيقٌ
فَالطَّرِيقُ يُشَقُّ عِنْدَ الْمَسِيرِ،
عِنْدَ الْمَسِيرِ يُشَقُّ الطَّرِيقُ،
عِنْدَ الالْتِفَاتِ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَلْفِ
يُرَى السَّبِيلُ الَّذِي أبَداً
لَنْ تَطَأَهُ الْقَدَمُ ثَانِيَةً.
أيُّهَا السَّائِرُ، لَيْسَ ثَمَّةَ طَرِيقٌ
بَلْ مَجَرَّاتُ سُفُنٍ فِي الْبَحْرِ.


XXX
مَنْ يَنْتَظِرُ يَيْأَسُ،
يَقُولُ صَوْتُ الْعَامَّةِ.
يَا لَهَا مِنْ حَقِيقَةٍ أحَقَّ!

الْحَقِيقَةُ هِيَ مَا هِيَ
وَسَتَبْقَى حَقِيقَةً
حَتَّى وَإِنْ تَمَّ التَّفْكِيرُ بِشَكْلٍ مَعْكُوسٍ.


XXXI
الْقَلْبُ الْخَافِقُ بِالأمْسِ،
ألَمْ تَعُدْ قِطْعَتُكَ
النَّقْدِيَّةُ الذَّهَبِيَّةُ تَرِنُّ؟
عَلْبَةُ تَوْفِيرِكَ
قَبْلَ أنْ يَكْسِرَهَا الزَّمَنُ،
هَلْ سَتَبْقَى شَيْئاً فَشَيْئاً فَارِغَةً؟
فَلْنَثِقْ
أنَّ لا شَيْءَ مِمَّا نَعْرِفُهُ
سَيَكُونُ حَقِيقَةً.


XXXII
أوَّاهُ يَا يَقِينَ الْمُتَأمِّلِ!
أوَّاهُ أيُّهَا الْيَقِينُ بَعْدَ التَّفْكِيرِ!
فَقَطْ حِينَمَا يَأتِي إلَى العَالَمِ قَلْبٌ
تَرْشَحُ كَأسُ الإنْسَانِ وَيَفِيضُ الْبَحْرُ.


* ترجمة عن الإسبانية خالد الريسوني

** من مجموعة "حقول قشتالة"


اقرأ أيضاً: غزالة ما قبل الحب وما بعده

المساهمون