يوميات غزة: جولة بين حربين

يوميات غزة: جولة بين حربين

27 سبتمبر 2014
حامد عبد الله / مصر (الصورة: غاليري أجيال)
+ الخط -

في جولة صغيرة صباح اليوم، خرجتُ إلى السوق وتسلحتُ بكل "الهبل" والضحك والسخرية التي حباني الله إياها.. صحيح أني تعرضتُ للكثير من الزعيق و"المحاشرة" واستمعتُ إلى الكثير من الحوارات التي تحدثُ في موقف مثل هذا.

اللافت أني لم أرَ أي شخص عابس الوجه أمامي، الكل مُبتسم يتندّر. حتى أن أحدهم قال لي: اليوم بدنا نروح ع البحر، بدنا نبرطع في المية.. حَم الصيف ذبحنا.

وقفتُ كي أشتري بعض العنب من شيخٍ كبير السن، معروف بحزمه في الحي، لكنه طيب جداً. سألته عن السعر، فلم يُجب، سألته مرة أخرى، فقال لي بصوت مُرهق: روح انقلع صفّ في الطابور خليني أخلّص النسوان في الأول.. فانقلعت!

انقلعت إلى مكان آخر، فأنا لا أُجيد الأصطفاف في الطوابير. ذهبتُ إلى صيدلية قريبٍ لي، سحبتُ الكرسي الوحيد عنده وجلستُ عليه، ريثما ينتهي من بيع الزبائن حاجياتهم. جلسَ على طاولة المَكتب يهزُ ساقيه...

أخذ يتحدث مع نفسهِ موجهاً الكلام لي دون أن أسأله: عارف يا محمود، شعبك هاد رهيب..

ـ ليش؟

ـ لانه لم يتبقّ لدي في الصيدلية إلا عبوة شامبو واحدة، ولم يبقَ ولا أي حبّة "فياغرا"، من ليل أمس إلى ظهر اليوم.

ـ يبدو أنها ستكون أيام حرب من نوع آخر.. لدينا أكثر من ألفي شهيد، يجب أن نعوّضهم قبل بداية الحرب المُقبلة.

وأنا خارج من عنده.. أخذت عبوة الشامبو الوحيدة، كون لا حاجة لي إلى حبوب الـ"فياغرا"، وانقلعتُ كي أشتري العنب.

المساهمون