أن تنتمي

أن تنتمي

15 يونيو 2014
الشاعرة في "حاجز قلنديا"/ احتفالية فلسطين للأدب 2014
+ الخط -

ماذا عن الريش


احتفظنا فقط بالمفاتيحِ،
الرّسائل، والصّور-
كلّ شيءٍ آخر تركناهُ خلفنا
حين غادرنا البيت.
يمكن لهذا أن يحدثَ
حين تتبدّلُ أمّةٌ بين ليلةٍ وضحاها
حين يصيرُ أولئك الّذين تعرفهم
بوابةً من ريش،
وإذا ما ذكرنا الرّيشَ
فإنّهم يعرفون ما أضاعوا.
منذ سنين
وأنا أراقبُ بيتَ جاري
من نوافذ أخرى-
بلدانٌ مختلفة،
بيوتٌ مختلفة،
بعضُها من الآجرّ، وبعضها الآخر من الحجر.
وبعضُنا لا يمكنُ أن يتخيّلَ
ماذا يمكنُ أن يعني البيتَ
حين ينصبُ لحنٌ غير مكتملٍ
فخاً للسّقف.

أتظاهرُ
أنني لم أرَ جسداً
عالقاً في منتصفِ الهواء،
ويدا أبي
مغروسة في الحجَرِ-
على أيّ حالٍ،
الذي لا نقرّ به
لم يحدثْ أبداً.

لكننّي لا أستطيعُ أن أبدّلَ
ذاكَ اليوم في "مورشيا"
حين جَلَبتْ المياهُ الضّوءَ
إلى الباب. أنا في السّابعة،
إنّهُ اليوم الذي يسبقُ رحيلناَ،
اليوم الذي أعطاني
فيه والدي دفتراً،
وأنا أقولُ له:
"هنا سأحتفظُ بوطني".



نبيٌ في الأندلس


نتيهُ عشقاً في الصّباحِ
ونغمضُ عيونَنَا لننسى أنّ الوقتَ ما زالَ باكراً.
نسمّي الشارعَ
بلوحةٍ لمائة يسوعٍ
على الحائط.
نحاولُ أن نعرّفَ الجمالَ
وما أُسِرّ لنا أنّنا يجب أن
نُبقي عيونَنَا مفتوحةً متى استطعنا.
نسمعُ أصواتاً في وجهِ الرّيحِ،
ننظرُ إلى البحرِ
نكتشفُ ما تهشّمَ،
ونخترعُ قواعدَ الغَرَقِ.
نسائلُ أنفسَنا
ما إذا كانت القرى البيضاء غائبةً
حين يلمّ بنا الشوقُ،
إن كنّا نحن طيوفاً
تحلمُ أنّها من لحمٍ،
إن كان النبيُ
مدفوناً في أغنية العقلِ التي لا تُحتمل.



الأمل

يتمسّكُ بالقوّةِ
التي تبسطُ الضوءَ الضيّقَ
ويجدُ نفسَه، في مكانٍ ما، خارج التّاريخ.
يفكّرُ،
كلّ ما تبقّى لنا
هو أن نخترعَ الله،
ونجدَ رقماً لانهائياً نتفاءلُ به،
ونلمسَ الأرضَ في كاتدرائية "لا مانكويتا"،
ونقولَ: إن شاءَ الله،
وننتظرَ أجراسَ الكنيسةِ
لكي تذكّرنا بما انتهى عليه حالُنا.
يدركُ ماذا يعني
أن تقيمَ في نومٍ آخر-
الزّمنُ عابراً فوق الوجوه.

 ثمة أشكالٌ مختلفةٌ للخسارة-
خسارتُهُ أن يتأمّلَ الماءَ
المحبوسَ في الأفواه

أن لا يدخلَ أبداً
"لا مالاغويتا"،

خسارته محاولة
أن يفهمَ ماذا تعني عبارة "إن شاء الله"،

أو، إذا كان هذا ما نقولُهُ،
لكي نمحو الضبابَ عن ألسنِتنا.


زهور

أن تنتمي،
حتى وإن احتفظتَ بالسّاعات
داخلَ خزانتكَ-
يستغرقُ سنيناً

أن تنسى شخصاً
رمقكَ بنظرة تبجيل مثلى
يستغرقُ سنيناً

أن تفهمَ لماذا،
حين تمشي، تحدّدُ أوراقُ الشجرِ
كيف يخفقُ قلبُكَ-
يستغرقُ سنيناً


يستغرقُ سنيناً
أن تحملَ الرّيحَ
بين أسنانكَ
وتُجبرُها على التكيّفِ مع ما لا طاقةَ لها به
التاريخُ
صراعُ قمرين
المنحدراتُ بعد مطرٍ غزيرٍ

ثم زهورٌ
تُذكّركَ-
يستغرقُ سنيناً
أن تعودَ من الجهةِ
التي تشطركَ نصفين.


(ترجمة عابد إسماعيل)

* شاعرة وناقدة وكاتبة مسرحية فلسطينية تكتب بالإنجليزية، حاصلة على عدة جوائز. عاشت في أوروبا والولايات المتحدة وجزر الكاريبي وأمريكا اللاتينية والعالم العربي، وهي حالياً أستاذة للأدب في جامعة كولومبيا. "شاعرة في الأندلس" هي آخر مجموعاتها الشعرية حيث تتبادل الأدوار مع غارسيا لوركا في مجموعته "شاعر في نيويورك".

 

المساهمون