المشروع الوطني الفلسطيني

بادر مثقفون مغاربة بالدعوة إلى إعلان 11 فبراير الجاري، يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر والمعزول في أرضه، ورسموا لمبادرتهم موقفاً يتطلّع إلى إسناد المشروع الوطني الفلسطيني والمقاومة.

يدرك الأسرى الفلسطينيون أنّ التحوّل من قيم التحرّر والمقاومة، إلى قيم الحكم والسلطة الموهومة منذ عام 1993 جرى دون حلٍ لقضيتهم، وكان مفترق الطرق الاستراتيجي الأبرز نحو مسيرة الأربعين عاماً في المعتقل أو الشهادة داخل جدران المعتقل البارد أيضا.

يجب أن نستعدّ لتحويل أشهر السنة الجديدة إلى مناسبة للتفكير، في كيفيات التخلص من كل ما رَتَّب ويُرتِّب المنخرطون في التطبيع من قواعد وإجراءات، تُمَكِّنُ إسرائيل ومن يقف وراء مشاريعها الاستيطانية من مزيدٍ من احتلال الأرض، وتزوير التاريخ.

لم يكن خروج حركة حماس من سورية لأسباب لوجستية وأمنية كما لم يكن قرار العودة إلى علاقات مع النظام السوري نابعاً من احتياجات القضية الفلسطينية، وإنما من احتياجات "حماس"، والتي هي احتياجات سلطة قبل أي شيء أخر.

شف غياب الرئيس ياسر عرفات الحالة البائسة للوضع الفلسطيني، فهناك مشكلات يعاني منها هذا الوضع كانت مكشوفة بوجوده، وأخرى كشفها الغياب، حجبتها مكانته، وبعد الغياب ظهر للعيان أن الوضع الفلسطيني مريض، وازداد مرضه مع الوقت إلى درجة دخوله في حالة الغيبوبة.

مهما كانت مآلات اتفاق أوسلو مأساوية على مشروع تحرير الأرض، فإن أخطر ما فيه فعله المضارع والمستمر لضرب مشروع تحرير الإنسان، وكي الوعي الفلسطيني، الجمعي والفردي، الذي تنامى في الانتفاضة الأولى، وبزغ مجدّداً في الانتفاضة الثانية.

مع وجود السلطة الفلسطينية لا يمكن للمشروع الوطني الفلسطيني أن يتعافى، أو أن يرفع رأسه، ولا بدّ من إزاحة هذه السلطة أو إبطال فاعليتها على الأقل، كي يخرج الشعب من دائرة الاحتلال "الوطني"، ويتمكّن من مقاومة الاحتلال الحقيقي، بالوسائل الشعبية أو بغيرها.

ملّ الشعب الفلسطيني الشعارات الفارغة والقيادات المهترئة والبرامج الهزيلة، وقرّر أن يتصدى للأمر بنفسه في ظلّ عجز المنظومة الرسمية والقيادة التقليدية عن فعل ذلك. لكنّ حلقات الاشتباك هذه لا يمكنها الاستمرار والاستدامة، من دون مدعّمات مؤسساتية وشعبية.