رفيق الحريري

الدعوات مستمرّة في لبنان تحذّر من خطورة ما يجري من استباحة للرأي وللحقّ بقوله، بشكل استنسابي فاضح، يطيح التزام الدولة اللبنانية بأحد أبرز بنود شرعة حقوق الإنسان، وبحيث تتكشّف أيضًا كمية التغوّل البوليسي الذي يهيمن على الدولة اللبنانية.

المشكلة الأكبر بعد كل ما شهده اللبنانيون من حروب طائفية، وبعد كل الشره الطائفي على الاستحواذ، إعادة حزب الله التجربة والعنجهية الطائفية التي سبقته، كأنه لم يقرأ تاريخ لبنان، ولم يتنبّه إلى أن كل محاولات الاستحواذ تنقلب ضد النتائج المأمولة منها.

على "كوع الكحّالة" الكائن على الطريق الدولي بين دمشق وبيروت، انزلقت شاحنة لحزب الله. وحين همّ الناس بالمساعدة اكتشفوا وجود الأسلحة فاحتجوا. لكن السائق ومن معه لم يتحمّلوا الإحتجاج، وصاروا يطلقون النار، ما أودى بحياة أحد سكاّن القرية وعنصر من الحزب.

كان التعامل مع اللاجئين السوريين الذين هربوا إلى لبنان المعيار الأول في التفريق بين لبناننا ولبنانهم؛ لبنان الذي يريد أن يكون بلدا حرّا مستقلا يؤمن بحقوق الانسان وحرّيته أينما كان ومهما كانت هويته، ولبنان التابع المتخلّف والعنصري والمسلّح والطائفي...

يعتزل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط العمل السياسي في لحظةٍ مهمّة، تتمثل في التطبيع العربي مع النظام السوري، ويظهر أنه التقط رسائل صريحة أن هذا التطوّر يلقي آثاره على الوضع في لبنان، على نحوٍ لا يناسبه أو يمكنه التعامل معه سلبا أو إيجابا.

وصلنا اليوم في لبنان، بعد سنوات على ما أسماه "اليوم المجيد"، إلى مفاعيله، عندما واجه أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الانتفاضة الشعبية، فوضع النظام وكل الرئاسات والمراكز الطائفية تحت عمامته، وصلنا إلى يوم انهيار حقيقي للدولة الطائفية.