المثقف والسلطة

تصحّ تسمية تراجع المثقَّف عن أفكاره ومواقفه السابقة بالارتداد الحميد، طالما كان الفيصلُ في هذا التغيير هو الانحيازُ إلى حرّية الإنسان والعدالة والتطلُّعُ إلى المساواة.

إذا كان ثمّة مثقّفون عرب، أو سوريون في الحالة التي نتحدّث عنها، يقفون ضدّ الحرب بالمطلَق، فإن آخرين يُعلنون أنهم ضدّها، قبل أن يضيفوا أداة الاستدراك "لكن"، التي تبرّر "تفهّمهم" لهذه الحرب أو تلك، مستعينين بتلك الكلمة الجديدة الغامضة: الجيوبوليتيك.

قبل الخوض في قضية شائكة، فلننزع عنهم ما يحيط بهم من هالات، ولننظر إليهم على أنّهم بشر يُخطئون ويصيبون، ويرتكبون حماقات. حياتُهم لا تخلو من فضائح، فلا الذين ينزّهونهم على صواب، ولا الذين يمرّغونهم في الوحل على حق.

ما هي أبرز الأحداث الثقافية التي عرفها العراق في 2021؟ هل شهد البلد إنجازاتٍ يمكن الوقوف عندها، أو تراجعاً لا بدّ من توصيفه؟ وهل من تحوّلاتٍ على المستويين الإبداعيّ والفكريّ؟ تلك أسئلةٌ توجّهت بها "العربي الجديد" إلى عددٍ من المثقّفين العراقيين.

هل للقارئ الحقّ في التعرف إلى الحياة الشخصية للكاتب؟ هناك وجهة نظر قوية، تقول إن الكاتب المشهور يغدو شخصية عامّة، لا خصوصية له، ولا غضاضة في السعي إلى التعرّف إليه، بل يحقّ للقارئ اقتحام عالمه، بعدما تابع كتاباته ردحاً من الزمن.

يمكن لإدراك عقم الفعل السياسي في ظلّ أنظمة متغوّلة، أن يفسّر لجوء الكتّاب إلى أعمالهم، لجوءاً يبدو هروباً من المواجهة إلى عالم أكثر حقيقيةً وفاعليّة بالنسبة إليهم، وفي ذلك استبدالٌ مؤسفٌ للواقع بالخيال، لكنّه استبدالٌ قسري.

كأنّ شرط التسمية مرتبط بالطرد المباشر خارج الأوطان، إذ إن النفي في الغالب يرتبط بمدّة زمنية ما، لا بالأبد. وربّما كان العديد من كتّاب هذه "الأوطان" يتمنّون أن يكونوا منفيّين بقرار سياسي، على أن يكونوا فارّين دون أن يعرفوا وقتاً للعودة.