الشمولية

تشابه الطبيعة الغامضة لنظامي القذافي في ليبيا وبوتين في روسيا، وتشابه المصير الدموي لـ"رجلي الأسرار" الضابط المقرّب من القذافي حسن إشكال ومؤسّس فاغنر يفغيني بريغوجين، يكشفان حجم الخطر الكبير الذي يعشّش في السراديب المظلمة للأنظمة الشمولية.

ما هي المؤشّرات التي برزت أخيراً، وأقلقت واشنطن إلى درجة تدفعها إلى الاستعانة برجل بلغ من العمر عتياً، هنري كيسنجر، لتزجّه في رحلة طيران طويلة، وترسل معه فريقاً طبياً كاملاً للاهتمام به، من أجل إيصال رسالة بالتهدئة إلى الصين؟

وجّه بعض المثقفين المصريين (قوميين ويساريين) إلى مهرجان دواير الثقافي الذي يقام في القاهرة في دورته الأولى، اتهاما بأنه "يساهم في تسليع الثقافة" لأنه ليس مجّانياً، إذ على الراغبين في الحضور دفع مبلغ بسيط لقاء تذكرة الدخول. هنا وجهة نظر حول المسألة.

مواسم الشتاءات الطويلة هي التي أبقـت شـعوب بلـدان الشرق الأوسط تحت قياداتٍ شـموليةِ أو أشبه بالشمولية: ممالـك طوائف وجمهوريات بلا جمهور وأنظمة عسكرية يقودها جنرالاتٌ لم يربحوا حربا واحدة، بينما شعوبهم مغيّبة في السجون أو القبور.

إذا كانت الأنظمة الاستبدادية تحاصر مواطنيها في الدولة، وتضيّق على حرّياتهم، فإن الأنظمة الديمقراطية والعلمانية لم تستطع الوصول إلى مستوىً من المساواة والعدالة الاجتماعية، لا على الصعيد الاجتماعي ولا على الصعيد السياسي أيضا.

فكّك الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بحلّه المجالس البلدية المنتخبة لبنة أخرى من لبنات البناء الديمقراطي التشاركي بعد الثورة، وانتقل بتونس في مستوى اتخاذ القرار من المركزية الشعبية إلى المركزية الرئاسوية، على نحو يعيد إنتاج ملامح الدولة الشمولية.