الحداثة الشعرية

لعلّ كتاب الباحث والمترجم الإيطالي هو الوحيد من نوعه في إيطاليا، الذي يتناول، بنحو معمّق، موضوعًا شائكًا بحدّ ذاته؛ إذ يواجه نتاجات شعريّة ذات وفرة، وديناميّات ثقافيّة معاصرة في منطقة ذات تنوّع كبير في العالم، هي مهد الحضارات ونقطة التقائها.

برحيل الجيوسي، تفقد الحداثة العربية اسماً بارزاً من جيل الروّاد، وشخصيةً ظلّت حتى النهاية مهمومةً بالأدب العربي نقداً وشعراً وترجمة. رحيلٌ يضَع ذواتنا أمام المعنى الحقيقي للفقد، ويدفعنا للتفكّر في مصير حداثتنا المبتورة وأزمات واقعنا الراهن نحن العرب.

رحلت أُمي السورية ولم تُمكنّي الأسلاك الشائكة المحيطة بالمسلخ الكبير من وداعها، وها إنّ أُمّي الفلسطينية التي استضافتني خيامُ أبنائها في بيروت ترحل ولا يُمكّنني المنفى من وداعها.

في مدينة السلط الأردنية، أبصرت هذه الطفلة، التي سيُجمع كثيرون على وصفها بأنّها مجموعة نساء في امرأة واحدة، النور في نهاية العشرينيات، لأب فلسطيني وأُمّ لبنانية كان لزواجهما قصّة طريفة سترويها ابنتهما سلمى الخضراء الجيوسي التي غادرت عالمنا أمس الخميس.

تسري الأسطورة بوصفها روحاً في معجم الشاعر السوري نوري الجرّاح، ذلك ما يتبدّى للقارئ من خلال المجلّد الثالث من أعماله، الصادر ربيع هذا العام عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. إلّا أنّ المُعادِل لها هو التاريخ، وبالأدقّ التاريخ الراهن.

بعد أربعين عاماً تصدر "دار نلسن" اللبنانية ما أخرجته بعنوان "الديوان الأخير" لخليل حاوي، والذي اجتهد فيه أشخاص حوالي الشاعر، في جمع قصائد نظمها الشاعر قبيل انتحاره، ولم يضمّها كتاب. كما أُضيفت قصيدة كان نشرها، في أوّلياته، في "مجلّة الآداب".

بعد قرابة خمسين عاماً على ذلك النشيد ها هو يصدُر في طبعة ثانية، وها هو عباس بيضون يُطلّ على الرؤيا الشعرية التي كتبها قبل نصف قرن، إذ يحضر في "فضاء برزخ" البيروتي عند السابعة من مساء اليوم الثلاثاء، ليقرأ من "صور" وليوقع الطبعة الجديدة من القصيدة.