ينقل السياسيون في تونس خلافاتهم وصراعاتهم إلى المحاكم، وهي ظاهرة تتنامى منذ الثورة، وهي إن تعكس مناخاً ديمقراطياً، إلا أن الإفراط في ممارستها يدل أيضاً على عمق الأزمة السياسية، واستمرار غياب الحوار الشامل.

وجد التحالف الجديد في تونس، والمكون من كتل "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة"، وحيداً في مهب الريح أمام الخصوم، فيما برز الرئيس التونسي قيس سعيّد في مظهر المدافع عن الحريات، وحامياً للدستور أمام منتهكيه.

يتجه البرلمان التونسي إلى الانقسام إلى جبهتين، أولى داعمة للحكومة بـ120 نائباً، وأخرى معارضة بـ80 نائباً، فيما ستكون كتلة الحزب الدستوري الحر خارج التحالفات. ويبدو أن التموضع الجديد جاء على أساس الصراع القائم بين الرئاسة وحركة النهضة.

أثار التحالف بين "ائتلاف الكرامة" و"قلب تونس" ردود فعل عديدة في البلاد، لا سيما أنّ الحزبين سبق لهما أن أعلنا في مناسبات وتصريحات سابقة عدة أن أي تحالف لن يجمعهما مهما كانت الظروف، وأن التقارب بينهما غير ممكن.

يتفنن السياسيون التونسيون في إهدار الوقت، ليس على أنفسهم أو أحزابهم، وإنما على شعب ينتظر منهم أن ينهوا لعبتهم ويتفرغوا لبحث حلول لمشاكله التي تنتظر منذ سنوات.

تتزايد مخاوف أحزاب تونسية عدة من نوايا الرئيس قيس سعيّد ومساعيه لتغييب دورها، وهي ترى أن الأخير يريد إحداث تغيير جذري في التوازنات السياسية في البلاد، وكذلك إحداث تغيير غير معلن في النظام، من برلماني إلى رئاسي مقنّع.

كرست محطات سياسية تونسية فاصلة في الفترة الأخيرة، ولا سيما التصويت على الثقة براشد الغنوشي في البرلمان، التحالف بين "النهضة" و"قلب تونس"، في ظل التقائهما على العديد من المواضيع، لكن أسئلة تبقى قائمة حول إمكان صمود هذا التحالف.

باشر رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي مهمة تشكيل الحكومة في ظلّ صراعات سياسية وأزمة ثقة عميقة بين الأحزاب، ما يجعل من مهمته صعبة ومعقدة جداً، في حين تنتظره تحديات أخرى، ولا سيما في ما يتعلّق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي.