سقط "الائتلاف السوري المعارض عملياً، منذ قَبِلَ بتشكيل هيئة مفاوضات جديدة، فيها منصتا موسكو والقاهرة، والتنازل عن شروطٍ واجبة للبدء بأيّة مفاوضات مع النظام، فدخل لعبة الدول المتدخلة، أي صار أداة بيدها، وشكّل حكومة مؤقتة تابعة للأتراك.

هل سيلبي "المجتمع الدولي" رغبة السوريين في حل عادلٍ يستثني القتلة أجمعين، أم أن الرهان النهائي سيكون على تحديد الموقف من إسرائيل، وخصوصا بعدما آلت سورية إلى خرابٍ على غير صعيد، في موسم التطبيع الذي يشهد غزلاً ناعماً بين نظام الأسد والإمارات؟

يفتقر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لبنية مؤسسية حقيقية، فهو مُصمّمٌ أساساً ليبقى رهينةً بيد مكوّناته التي يتألف منها، فلا يستطيع الفكاك منها، ولا يستطيع بناء مؤسسة وطنية حقيقية، بسبب مبدأ المحاصصة الذي أقيمت عليه أساسات هذا الكيان.

عشر سنوات من عمر ثورة الشعب السوري ضد حكم آل الأسد كانت كافيةً لحصول تغيرات جذرية في المشهد السوري، إلا هذه مؤسسة الائتلاف حافظت على ثباتها، واحتفظ القائمون عليها بكراسيهم وطقوسهم، حيث يتداول إدارته مجموعة أشخاص باتوا بعيدين عن هموم السوريين.

أعلن ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية أنه سيشترك بانتخاباتٍ، تتوفر فيها "بيئة آمنة، وتحت إشراف الأمم المتحدة ووفق بيان جنيف 1 والقرار 2254". وبذلك يتوهم قادته استغباء الناس، وتبرئة ذمتهم، وأنهم ما زالوا على العهد معارضين للنظام وممثلين للثورة!

لم يبق لجمهور الثورة السورية إلا الاستنجاد بروسيا، ومن خلفها النظام السوري، لمنع تمثيل "الائتلاف" ثورتهم، في مفارقة فريدة، بأن يحمي رئيس النظام جمهور المعارضة الذي ثار ضد حكمه، من طموحات وأطماع قياديي مؤسسات المعارضة في اغتصاب حقهم في اختيار ممثليهم.