الشعب التونسي، بعد تجربته مع "ديمقراطية الأحزاب"، لم يلمس شيئاً من المكاسب الاقتصادية، لا بل تردّى الوضع الاقتصادي أكثر مما كان عليه في فترة بن علي، ما دفعهم للانقلاب على الأحزاب السياسية ديمقراطيا٫ فباتوا أمام مرشحين من خارج "السيستام".

لم تنجز حركة النهضة (التونسية) رؤية استراتيجية تخوض بها حملة الانتخابات الرئاسية، وراهنت على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وعملت على إنجاح هذا السيناريو، وضحت بعلاقتها بالمرحوم الباجي السبسي، حين استماتت في الدفاع عن الشاهد، بأمل أن يعبرا انتخابات 2019 معاً.

لا تزال الشعوب العربية تفضل الفصاحة والخطب والشعارات على البرامج والتفاصيل الكثيرة، القائد الزعيم ذو الكاريزما الذي يدغدغ العواطف أفضل لدى الشعوب العربية ممن لديه برنامج واقعي للحكم.

مفارقة غريبة تشهدها الانتخابات التونسية، حيث تحتدم فيها صراعات شخصية لا تندلع بين ممثلي العائلات السياسية الكبرى في البلاد: دستوريون، إسلاميون، قوميون، يساريون، كما تعودنا في الانتخابات التي جرت بعد الثورة، ولكن تندلع بين طموحات شخصية متورّمة.

ركز كلّ مترشح في الانتخابات التونسية على إبراز شعار حملته الانتخابية، لأنّ الشعار يختزل الهوية البرامجية للمترشح، وهو العلامة اللغوية والأيقونة الفنّية الدّالة عليه، والمخبرة بخلفياته، وأبرز أولوياته.