الحبيب الجملي

نجح رئيس الحكومة التونسية المكلف، إلياس الفخفاخ، في تشكيل ائتلاف موسع، نسبيًا، بعد خمسة أشهر من الانتخابات العامة التي أنتجت مشهدًا برلمانيًا فسيفسائيًا، وبذلك يسدل الستار على فصل من فصول الانتقال السياسي في تونس، ولكن تحديات كثيرة ستواجه الحكومة.

تقتضي المرحلة في تونس القيام بإصلاحاتٍ في المنظومة القانونية التي تتحكّم في النظام السياسي التونسي، بما فيه من قوانين انتخابية وآليات دستورية، غير أن المشكلة تكمن في أن الجهاز المنوطة به الإصلاحات (البرلمان)، يبدو عاجزا عن إصلاح ذاته وحل الأزمة

أجرى رئيس الحكومة التونسية المكلف، إلياس الفخفاخ، مشاورات مرهقة مع الأحزاب السياسية، واتفق معها على وثيقة التعاقد الحكومي أرضيةً سياسية للحكم، وعلى أن تتكون حكومته من 28 وزيراً.

أدرك رئيس الحكومة التونسية المنتهية ولايته، يوسف الشاهد، أن عليه محاولة تدارك وضعه السياسي، فقد حل حزبه سابعا بين الفائزة انتخابيا، ما جعل طموحه الاستمرار في السلطة يقارب الصفر، إلا أنه استطاع بدهاء أن يقيم علاقات وثيقة برئيس الجمهورية .

ما هي السمات التي تميّز بها خطاب رئيس الحكومة التونسيةالتي لم يمررها البرلمان، الحبيب الجملي؟ وإلى أي مدى أسهم هذا الخطاب في تأسيس صورةٍ سلبيةٍ للموقف إجمالا أثرت، مع عوامل موضوعية أخرى، في عدم نيل الثقة؟

ما يحصل في تونس عادي جداً، لكنه جديد علينا، نحن الشعوب العربية التي لم تختبر الممارسة الديمقراطية مع ما تحمله من أزماتٍ وانقساماتٍ مصلحيةٍ وعقائدية، فكيف إن كانت الممارسة الديمقراطية التونسية لا تزال جسداً غير مكتمل؟

لم تسلَم حركة النهضة، مثل بقية الأحزاب التونسية، من داء الاستقالات التي على الرغم من قسوتها، تظلّ، لدى من يحسن قراءتها، حاثة على تعميق الحوار الداخلي، وفرصة نادرة لتوسيع دائرة المشاركة في اتخاد القرار، فهل تفعل "النهضة" ذلك؟

لأول مرة في تاريخ تكوين الحكومات في تونس منذ الثورة، تكون النتيجة غير معلومة مسبقا، ويكون عرض الحكومة على البرلمان لنيل الثقة بمثابة الرهان غير المضمون. من المسؤول عن هذا كله؟ من المسؤول عن فشل مسار تشكيل الحكومة؟