لم أختر الخيط ولا الإبرةلكنّني، وأنا غير عابئةٍ بأخبار البطالة والسوق السوداء والديْن العام وقرض البنك الدوليّأرصّ الأُصص في انتظار العاصفة أو الحلمأُحدّث "شهرزاد" عن جدليّة التناقض والصراعات وروّاد الفضاء ومحصلي الضرائبوالناشطات النسويّات وفريدة عثمان و"مس إيجبت" وأخواتهنّتهزّ رأسها تستبلهني لخمس دقائق ثم تبتسم برقّةٍ أخّاذة لا تخلو من مكر.
■ ■ ■
كان النهر عريضاً والطريق مسكونةٌ بالحفرتمدّ المرأة بخدَرٍ ذراعيها لكأنّما ظهْر المقعد الأمامي كرتُ بقائها حيّة ترخي العنان للأوهام وتهدهد رضيعها واستياءاتها وحقائبَها بالتبادل تحرّك بؤبؤيها يميناً تسترق السمع وبنظرةٍ حاسرة ربّما سألتْ إلامَ؟ أو لمَ أنا أو نحن؟ وربما سألتْ: لم لستُ أنا ولسنا نحن؟ تُتمتم بسورة الفلق وتسير.
الحقائب ثقوب العفن المتكوّم في جدران الفراغ وسبائك الصدأ الجاثم بضع سنين انحناءُ الريح في مواجهة قطارات الطريق الزراعيّة استمارات الدعم للمشي الطويل استعارات الأيتام للآباء خلف أسوار دور الرعاية وأطراف اللاوعي المبتورة الحقائب أصابعُ أعياها الروماتيزم ومع ذلك تمسك برائحة أصحابها.
أُدركُ الآن أن الأعباءَ نواقيسُ ثكلت أجراسهاوأن ظفريَ المكسور لم يكن إلا صورةً لمرآة الانتظار والزبيبَ المضمّخ بالتراب بقايا فرحٍ ولّى كنصٍّ جنائزيٍّ سأربّت على النمل وأواصل سقيا الحديقة عندما تسقط تفاحةٌ ذات خطأٍ غير مقصود أبصم أنّ الحظّ لم يكن عاثراً لكنّ لذّة التخفّي والمباغتة قادته إلى السفححيث الأعشاب الضريرة تعدّ الأريكة وتشدُّ أوتار العود نحو النبعسيؤهّب "غرنوي" عطوره للسّفَر ويغفو الصولجان ريثما تمرّ عفريتةٌ توزّع الخبز وترشّ الأرزّ والزيزفون تقول للعمّال والحدّادين طريقكم مفتوحةٌ بالسّعف والحنّاء، هبّواللنّار مواسمُ خضراء تنفجر فيها الحقول وبلا مقابلٍ، تندلق على مدّ النظر في مرمى التائهين ومكسوري الجناح.
* شاعرة من مصر