ميشال عون

فشلت الدولة اللبنانية في صهر مجموعات الطوائف على أساس المواطنة والولاء للوطن، وهي مهمّة ما كانت مطروحة ألبتة على العقل السياسي اللبناني منذ الجلاء الفرنسي في نهاية عام 1946. وبالتالي، لم يعرف لبنان "الدولة" منذ البداية، بل عرف ما يشبه "الدولة".

في الانتخابات الرئاسية اللبنانية نحن أمام مسرح عرائس، شخصيات كاريكاتورية، ولكنها غير مقنعة، فالمقالب تحوّلت إلى مكائد لئيمة، وخلافا للخيوط القديمة، في اللعبة الأصلية، الخيوط هنا سميكة، والأيادي المحرّكة لم تعد سرّية، بل صار لها حضور على خشبة المسرح.

بعد أن اتفقت قوى سياسية في لبنان على ترشيح جهاد أزعور لمنصب الرئاسة في لبنان بمواجهة سليمان فرنجية الذي رشّحته قوى أخرى، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى جلسة لانتخاب الرئيس، وسط شكوك من إمكانية خروج لبنان من الفراغ الرئاسي.

بات الفراغ في لبنان اليوم الوضع الطبيعي للحياة، وأي شيء غيره استثناء. عاش اللبنانيون الفراغ الرئاسي طويلاً قبل وصول ميشال عون إلى السلطة، وعاشوا الفراغ الحكومي أيضاً في مراحل متعدّدة، واختبروا غياب الدولة كلياً عن مشهد الحياة اليومية.

قد تكون حظوظ وصول سليمان فرنجية إلى رئاسة لبنان مرتفعة اليوم، لا سيما أن حزب الله لم يزل متمسّكا به، والسعودية بدأت "تلين" موقفها تجاهه، وبعض أفرقاء الداخل داعمون له، إلا أنّ هذا سيكرس مزيدا من الانهيارات للبنان.

مع الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، يشعر بعضil بأنه يريد أن يساعد هؤلاء الذين دمّرت حياتهم وبيوتهم، لكن الزلزال، ينفخ، أيضاً، في الإنسان مَلَكوت ذاك الشرّ الأبدي، شرّ السياسة بمعناها اللئيم. عن هذا الشر تحكي هذه المادة.