نوادٍ ترفيهية للأطفال تقهر الحرب في شمال سورية

نوادٍ ترفيهية للأطفال تقهر الحرب في شمال سورية

21 يناير 2016
نادي أطفال بريف حلب (تامر عثمان)
+ الخط -
في مدينة حلب شمال سورية لم تمنع الحرب المستعرة منذ خمس سنوات المنظمات الإنسانية العاملة هناك من إيجاد مشاريع ترفيهية تعنى بالأطفال، وتقديم جميع أساليب الدعم النفسي والاجتماعي لهم في سبيل إخراجهم من جو الحرب في البلاد والارتقاء بمواهبهم والعمل على تطويرها لتكون نواة لشباب سورية المستقبل.


ففي أقصى شمال سورية على الحدود مع الجارة تركيا في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، قامت مؤسسة غراس المتخصصة في شؤون الأطفال والعاملة في مدينة حلب باستحداث نادٍ ترفيهي للأطفال، مهمته إخراجهم من جو الحرب ومساعدتهم على تنمية مهاراتهم من خلال تقديم العديد من النشاطات الترفيهية وكذلك نشاطات الدعم النفسي والاجتماعي، حيث يقوم على النادي مشرفون متخصصون لجميع الفئات العمرية من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين العام والثمانية عشر عاماً.

تجلس ريم ذات الثمانية أعوام في قاعة الحاسوب في نادي غراس الترفيهي للأطفال وتمارس هوايتها باللعب على جهاز الحاسوب بشغف شديد، لا تعطي بالاً لمن حولها متناسيةً جميع المآسي التي يعاني منها السوريون بجميع فئاتهم العمرية في الخارج، قامت ريم بزيارة النادي قبل التحاقها به لمدة شهر، وترددت عليه باستمرار، أحبت ريم النادي وتعلقت به وبجميع أقسامه من نشاطات ومهارات وحاسوب، حتى قررت نهايةً أن تكون أحد الأطفال الملتحقين بالنادي، تقول ريم "جيت عالنادي لأنو حبيتو كتير، أنا بالنادي صرت شوف طفولتي اللي فقدتها لفترة طويلة بسبب الحرب، أصوات القصف والمدافع والخوف كانت مسيطرة على حياتي، هون بحس حياتي غير، بحس حالي متل الأطفال اللي بشوفهم بالتلفزيون، كتير بشعر بالأمان والراحة مع المشرفين بالنادي، أنا بحبهم وهن بحبوني".

ريم لا تتمنى أن ترى أحداً سواء من المشرفين أو أب وأم يضربون طفلاً، بنظرها الطفل لا يدرك كل ما يفعله ولا يدرك إن كان هذا الأمر خطأ أو صواباً، فهو بالنهاية طفل، وهي تتمنى أن تنتهي هذه الحرب لتعيش بسلام مع عائلتها وأخوتها، تتابع ريم "حابة أرجع لبيتنا اللي تركناه من زمان، لأنو هنيك في قصف كتير، أنا ماعدت خاف من القصف أبداً، لأنو تعودت على أصوات الصواريخ و الطيارات والبراميل "الله موجود، والله بيحمينا"، حابة أرجع عالبيت وشوف ألعابي اللي تركتها هنيك، حابة يجي العيد وما يكون في طيارة من شان ألعب بالمرجوحات مع أصحابي متل زمان".

جو الحرب الذي يسيطر على البلاد أضحى كلام الصغار والكبار، فحتى الأطفال في سورية باتوا يميزون نوع القصف الذي تتعرض له أحياؤهم، كان لا بدّ من إخراجهم من هذه الحالة النفسية التي ألمت بهم، وإرجاعهم إلى طفولتهم التي سلبت منهم منذ ما يقارب الخمس سنوات، فلا أحد يدرك متى ستنتهي هذه الحرب ويعود الجميع للعيش بسلام.

أبو علي الشاغل، أحد المشرفين العاملين في نادي الأطفال الترفيهي في مؤسسة غراس يقول "نحن في نادي الأطفال الترفيهي نستقبل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين العام والثمانية عشر عاماً، حيث نقوم بعد ذلك بتقسيمهم حسب فئاتهم العمرية، يكون تعاملنا مع الفئة الأولى التي تضم الأطفال بين العام والخمسة أعوام من خلال التعبير اللفظي، والأطفال من 6 أعوام إلى 12 عاماً نتعامل معهم من خلال التفكير الحسي لأنهم باتوا يدركون الواقع، والأطفال من 13 عاماً إلى 18 عاماً يكون التعامل معهم من خلال إدراكهم لهوية ذاتهم ومهاراتهم ومواهبهم "تأكيد الذات"، حيث همّنا الأول هو البدء بتطوير هذه المراحل العمرية والعمل بشكل مستمر على إخراجها من جوّ الحرب.

يضيف أبو علي "نمارس في نادي الأطفال الترفيهي في مؤسسة غراس العديد من النشاطات، كالدعم النفسي والاجتماعي للأطفال من خلال النشاطات الحركية والاجماء والاسترخاء، ونشاطات تخاطب المشاعر وتحاكيها، وهناك نشاطات للطفولة المبكرة تكون هادفة، وتعمل على تنمية الخيال لدى الأطفال لأنهم باتوا يفكرون ويشعرون، يوجد في النادي ألعاب حركية، الشطرنج، الرسم، المهرج، المسرح التفاعلي، المسرح العرائسي، الهدف من هذه الألعاب التفريغ النفسي للأطفال ومشاركة الطفل في مساحات تكون صديقة له".

ويعمل في نادي الأطفال الترفيهي في مؤسسة غراس مجموعة من المشرفين المتخصصين أصحاب الخبرات السابقة في هذه المجالات من كلا الجنسين، إذ إنّ جميع النشاطات المدرجة في برنامج النادي كانت قد أعدت مسبقاً على يد متخصصين في مجال تربية الأطفال وترفيههم، يقول أبو علي: "النشاطات الموجودة في نادي الأطفال الترفيهي وضعها مجموعة من المختصين الذين عملوا في مجال حماية الطفل، وبرامج الدعم النفسي، وهم لديهم خبرة كافية في هذا المجال، وكوادرنا في النادي متنوعة حيث نقوم بين الحين والآخر بإخضاع الكوادر لدورات تدريبية من أجل تدريبهم وتأهيلهم ورفع مستواهم في برامج الدعم النفسي".

وتعمل مؤسسة غراس على توسيع نشاطاتها على مساحة المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، حيث تسعى لافتتاح مراكز جديدة في ريف حلب الجنوبي والغربي وداخل مدينة حلب أيضاً، يقول أبو علي "اخترنا مدينة إعزاز في الريف الشمالي لمدينة حلب، بسبب التجمع السكاني الكبير فيها لكونها منطقة حدودية، تبعد عن الأراضي التركية مسافة 2 كيلو متر، وكذلك بسبب الشعور بالأمان نوعاً ما في مدينة إعزاز، كونها قلّما تتعرض للقصف ما يتيح لنا العمل بأريحية ويقلل من احتمال وقوع كوارث لا سمح الله، ويوجد أيضاً في مدينة اعزاز طبقات متعددة من السكان بسبب أنها أصبحت مركزاً للنازحين من القرى والمدن الأخرى، نحن نسعى لافتتاح نواد ترفيهية للأطفال داخل مدينة حلب وفي الأرياف الأخرى، نبحث عن الأمان بالدرجة الأولى للحفاظ على سلامة الأطفال".

وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها بعنوان "أطفال سورية... الأمل الغريق" أنّ عدد الأطفال الذين قتلوا في سورية على أيدي القوات الحكومية منذ بدء الثورة السورية 18858 فيما بلغ عدد المعتقلين من الأطفال 10413 طفلاً، و أضاف التقرير أنه وبسبب استهداف القوات الحكومية بشكل رئيس للمدارس، حرم ما لا يقل عن 2.1 مليون طفل داخل سورية من التعليم.

(سورية)

المساهمون