أزمة نداء تونس: حرب أيديولوجيا أم صراع مصالح؟

أزمة نداء تونس: حرب أيديولوجيا أم صراع مصالح؟

08 نوفمبر 2015
على"السبسي"الحذر من العودة إلى مربع الحزب وإشكالاته (مواقع التواصل)
+ الخط -
تأسس حزب نداء تونس حاملا في طياته بذور فنائه بسبب خلفيات نشأته ومظاهر تشكله.
إذ لم يتجاوز دور هذا الحزب تحقيق التوازن الانتخابي في مقابل حزب حركة النهضة صاحبة الأغلبية زمن الترويكا.


اجتمع جزء كبير من خصوم وأعداء الإسلام السياسي في هذا الإطار التنظيمي بزعامة الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي. إلا أن من أسس الحزب على منطق الضد غفل عن إمكانية صراع الأضداد داخل النداء نفسه.

هناك سببان رئيسيان لنشأة النداء، أولها التضاد مع حركة النهضة، ثم إرادة الوصول إلى سدة الحكم.

وإذا اعتمدنا قانون السببية الذي يؤكد تعطل الأهداف والنتائج بانتفاء مسبباتها، فإنه يمكن اعتبار نداء تونس (في نسخته الأولى والتأسيسية) في حكم الغائب منذ وصول الحزب إلى الحكم والرئاسة ثم تحالفه مع خصمه الرئيسي والأساسي حركة النهضة.

لقد كان من الضروري على قيادة النداء بعد ذلك أن تؤسس أرضية جديدة تجمع "الأخوة الأعداء" تساعدهم على إنعاش كيانهم ومواصلة الفعل السياسي بجسم موحد ورؤية واقعية، وهو بمثابة تأسيس ثان للحزب، ولكن حجم التناقضات وتضارب الأفكار والمصالح حالا دون ذلك وجعلا المشهد الندائي أقرب إلى الانفجار..

بين طرف يدفع نحو بعض المراجعات السياسية ويبحث عن توافقات فكرية واسعة، كما عبر عنها، وآخر متشبث بمقولات أيديولوجية توسل بها النظام النوفمبري لتصفية خصومه.

في خضم هذه التجاذبات سقطت كل الصور الجميلة التي وقع تسويقها عن الحزب في بداية نشأته وأهمها صورة الزعيم بورقيبة كرمز للثبات ودقة الرؤية، كما تآكلت الخطابات المنمقة والشعارات المصففة التي وقع نشرها بين الناس. وقد تأكد أيضا أن نداء تونس لم يكن سوى ماكينة تنظيمية انتخابية، وبمجرد خروج الباجي السبسي منها تحولت إلى حلبة ملاكمة وصراع حول خلافته.

وهنا يتوجب على الباجي قائد السبسي أن يحذر من العودة إلى مربع الحزب وإشكالياته المعقدة وهو رئيس لدولة يحدق بها خطرا الإرهاب والعجز الاقتصادي، كما لا ينفي ذلك أن يسعى كرئيس منتخب لتحقيق الاستقرار الوطني عبر استقرار الأحزاب الكبرى المشكِّلة للحكومة خاصة.

إن انهيار نداء تونس بهذا الشكل في هذه المرحلة السياسية سيهدد المسار الديمقراطي وسيضعنا أمام خيارات سياسية شائكة، وهو ما تسعى جهات مختلفة لتحقيقه بغية ضرب تجربة التوافق السياسي وإرباك التقارب بين الطرف الإسلامي الوطني وباقي مكونات المشهد الديمقراطي.

كما أن أزمة نداء تونس تمثل في جوهرها أزمة نخبة وأزمة تنظيمات سياسية لم تواكب بعد مستجدات عصرها ورهانات واقعها، وصراع النداء تعبير من تعبيرات الأزمة المتعددة الأوجه في أطر ومواقع مختلفة.

لقد كان على الفاعلين السياسيين، إبان الثورة، أن يقوموا بعمليات تأهيل وتجديد بشريا وتنظيميا حتى ترتقي الممارسة السياسية إلى مستوى اللحظة والرهان التاريخي.

ولا يزال عدد كبير من السياسيين والتنظيمات يجرّون وراءهم خيباتهم، ويستجلبون أحقاد الماضي وأمراض الأيديولوجيا غير مكترثين لسنة التطور ومنطق التاريخ.

اليوم نشهد صراعات نداء تونس وقبله أحزاب كثيرة تشظت، وأخرى اندثرت في المشهد الانتخابي ولكن هل سيتواصل تسونامي الأحزاب السياسية التونسية أم سيكون له حد ؟!

(تونس)

المساهمون